السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَذَرۡنِي وَٱلۡمُكَذِّبِينَ أُوْلِي ٱلنَّعۡمَةِ وَمَهِّلۡهُمۡ قَلِيلًا} (11)

{ وذرني } أي : اتركني { والمكذبين } أي : لا تحتاج إلى الظفر بمرادك ومشتهاك إلا أن تخلي بيني وبينهم بأن تكل أمرهم إليّ وتستكفينيه ، فإن فيّ ما يفرغ بالك ، ويجلي همك وليس ثمّ منع حتى تطلب إليه أن تذره وإياه إلا ترك الاستكفاء والتفويض ، كأنه إذا لم يكل إليه أمره فكأنه منعه منه فإذا وكله إليه فقد أزال المنع وتركه وإياه وفيه دليل على الوثوق بأنه يتمكن من الوفاء بأقصى ما تدور حوله أمنية المخاطب وبما يزيد عليه .

واختلف في سبب نزول هذه الآية فقال مقاتل : نزلت في المطعمين يوم بدر ، وهم عشرة فلم يكن إلا يسيراً حتى قتلوا ببدر . وقال يحيى بن سلام : إنهم بنو المغيرة . وقال سعيد بن جبير : أخبرت أنهم اثنا عشر رجلاً ، وقال البغوي : نزلت في صناديد قريش ورؤساء مكة من المستهزئين .

وقوله تعالى : { أولي النعمة } نعت للمكذبين أي أصحاب التنعم والترفه .

فائدة : النعمة بالفتح التنعم وبالكسر الإنعام وبالضم المسرّة .

{ ومهلهم } أي : اتركهم برفق وتأنّ وتدريج ولا تهتم بشأنهم . وقوله تعالى : { قليلاً } نعت لمصدر ، أي : تمهيلاً قليلاً أو لظرف زمان محذوف أي زماناً قليلاً فقتلوا بعد يسير ببدر .