اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَذَرۡنِي وَٱلۡمُكَذِّبِينَ أُوْلِي ٱلنَّعۡمَةِ وَمَهِّلۡهُمۡ قَلِيلًا} (11)

قوله : { وَذَرْنِي والمكذبين } . يجوز نصب «المُكذِّبِيْنَ » على المعية ، وهو الظاهر ، ويجوز على النسق وهو أوفق للصناعة .

والمعنى : ارض بي لعقابهم ، نزلت في صناديد قريش ورؤساء مكة من المستهزئين .

وقال مقاتل : نزلت في المطعمين يوم بدر ، وهم عشرة{[58348]} تقدم ذكرهم في الأنفال .

وقال يحيى بن سلام : إنهم بنو المغيرة .

وقال سعيد بن جبير : أخبرت أنهم اثنا عشرة رجلاً{[58349]} ، «أولي النعمة » أي : أولي الغنى ، والترفه واللذة في الدنيا { وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلاً } يعني إلى مدة آجالهم ، قالت عائشة - رضي الله عنها - : لما نزلت هذه الآية لم يكن إلا يسيراً حتى وقعت وقعة بدر{[58350]} .

وقيل : «ومَهِّلهُمْ قَلِيلاً » مدة الدنيا .

قوله : «أوْلِي النَّعمَةِ » ، نعت للمكذبين . و «النعمة » - بالفتح - : التنعم ، وبالكسر ، الإنعام ، وبالضم : المسرَّةُ ، يقال : نِعْمة ونُعْمة عين .

وقوله : «قَلِيلاً » ، نعت لمصدر ، أي : تمهيلاً ، أو لظرف زمان محذوف ، أي : زماناً قليلاً .


[58348]:ينظر: القرطبي (19/31).
[58349]:ينظر: المصدر السابق.
[58350]:أخرجه الطبري في "تفسيره" (12/288) وأبو يعلى (8/56) رقم (4578) . وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/130) وقال: رواه أبو يعلى وفيه جعفر بن مهران وعبد الله بن محمد بن عقيل وفيهما ضعف وقد وثقا.