في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب  
{وَلَقَدۡ ضَرَبۡنَا لِلنَّاسِ فِي هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانِ مِن كُلِّ مَثَلٖۚ وَلَئِن جِئۡتَهُم بِـَٔايَةٖ لَّيَقُولَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ إِنۡ أَنتُمۡ إِلَّا مُبۡطِلُونَ} (58)

33

ومن هذا المشهد البائس اليائس يردهم إلى ما هم فيه من عناد وتكذيب ، وتلك كانت عاقبة العناد والتكذيب :

( ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل ؛ ولئن جئتهم بآية ليقولن الذين كفروا : إن أنتم إلا مبطلون . كذلك يطبع الله على قلوب الذين لا يعلمون ) . .

وهي نقلة بعيدة في الزمان والمكان ؛ ولكنها تجيء في السياق ، وكأنها قريب من قريب . وينطوي الزمان والمكان ، فإذا هم مرة أخرى أمام القرآن ، وفيه من كل مثل ؛ وفيه من كل نمط من أنماط الخطاب ؛ وفيه من كل وسيلة لإيقاظ القلوب والعقول ؛ وفيه من شتى اللمسات الموحية العميقة التأثير . وهو يخاطب كل قلب وكل عقل في كل بيئة وكل محيط . وهو يخاطب النفس البشرية في كل حالة من حالاتها ، وفي كل طور من أطوارها . ولكنهم - بعد هذا كله - يكذبون بكل آية ، ولا يكتفون بالتكذيب ، بل يتطاولون على أهل العلم الصحيح ، فيقولون عنهم : إنهم مبطلون :

( ولئن جئتهم بآية ليقولن الذين كفروا : إن أنتم إلا مبطلون ) . .