تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَلَئِن سَأَلۡتَهُم مَّنۡ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُۚ قُلِ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِۚ بَلۡ أَكۡثَرُهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ} (25)

{ 25 - 28 } { وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ * لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ * وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ * مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ }

أي : ولئن سألت هؤلاء المشركين المكذبين بالحق { مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ } لعلموا أن أصنامهم ، ما خلقت شيئا من ذلك ولبادروا بقولهم الله الذي خلقهما وحده .

ف { قُلِ } لهم ملزما لهم ، ومحتجا عليهم بما أقروا به ، على ما أنكروا : { الْحَمْدُ لِلَّهِ } الذي بيَّن النور ، وأظهر الاستدلال عليكم من أنفسكم ، فلو كانوا يعلمون ، لجزموا أن المنفرد بالخلق والتدبير ، هو الذي يفرد بالعبادة والتوحيد .

ولكن { أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ } فلذلك أشركوا به غيره ، ورضوا بتناقض ما ذهبوا إليه ، على وجه الحيرة والشك ، لا على وجه البصيرة ، ثم ذكر في هاتين الآيتين نموذجا من سعة أوصافه ، ليدعو عباده إلى معرفته ، ومحبته ، وإخلاص الدين له .

فذكر عموم ملكه ، وأن جميع ما في السماوات والأرض - وهذا شامل لجميع العالم العلوي والسفلي - أنه ملكه ، يتصرف فيهم بأحكام الملك القدرية ، وأحكامه الأمرية ، وأحكامه الجزائية ، فكلهم عييد مماليك ، مدبرون مسخرون ، ليس لهم من الملك شيء ، وأنه واسع الغنى ، فلا يحتاج إلى ما يحتاج إليه أحد من الخلق . { مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ }

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَلَئِن سَأَلۡتَهُم مَّنۡ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُۚ قُلِ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِۚ بَلۡ أَكۡثَرُهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ} (25)

عطف على جملة { وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا } [ لقمان : 21 ] باعتبار أن ما وَجَدوا عليه آباءهم هو الإشراك مع الله في الإلهية ، وإن سألهم سائل : مَن خلق السماوات والأرض يقولوا خلقهن الله ، وذلك تسخيف لعقولهم التي تجمع بين الإقرار لله بالخلق وبين اعتقاد إلهية غيره .

والمراد بالسماوات والأرض : ما يشمل ما فيها من المخلوقات ومن بين ذلك حجارة الأصنام ، وتقدم نظيرها في سورة العنكبوت . وعبر هنا ب { لا يعلمون } وفي سورة ( العنكبوت63 ) ب { لا يعقلون } تفنناً في المخالفة بين القصتين مع اتحاد المعْنى .