المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{لَأَخَذۡنَا مِنۡهُ بِٱلۡيَمِينِ} (45)

وقوله تعالى : { لأخذنا منه باليمين } اختلف في معناه ، فقال ابن عباس : { باليمين } ، بالقوة{[11301]} ومعناه : لنلنا منه عقابه بقوة منا ، أو يكون المعنى : لنزعنا قوته ، وقال آخرون : هي عبارة عن الهوان ، كما يقال لمن يسجن{[11302]} أو يقام لعقوبة قد أخذ بيده وبيمينه .


[11301]:ومنه قول الشماخ بن ضرار: إذا ما راية رفعت لمجد تلقاها عرابة باليمين
[11302]:في بعض النسخ: "لمن يسخر".
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{لَأَخَذۡنَا مِنۡهُ بِٱلۡيَمِينِ} (45)

ومعنى { لأخذنا منه باليمين } لأخذناه بقوة ، أي دون إمهال فالباء للسببية .

واليمين : اليد اليمنى كني بها عن الاهتمام بالتمكن من المأخوذ ، لأن اليمين أقوى عملاً من الشِمال لكثرة استخدامها فنسبة التصرف إليها شهيرة .

وتقدم ذلك في مواضع منها قوله تعالى : { ولا تجعلوا الله عُرضة لأيمانكم } في سورة البقرة ( 224 ) وقوله : { وعن أيمانهم وعن شمائلهم } في سورة الأعراف ( 17 ) وقوله : { ولا تخطُّه بيمينك } في سورة العنكبوت ( 48 ) .

وقال أبو الغُول الطَهَوِي :

فدَت نفسي وما ملكتْ يميني *** فوارسَ صدَّقوا فيهم ظنوني

والمعنى : لأخذناه أخذاً عاجلاً فقطعنا وتينه ، وفي هذا تهويل لصورة الأخذ فلذلك لم يقتَصَرْ على نحو : لأهْلكناه .

ومنه } متعلق ب ( أخذنا ) تعلق المفعول بعامله . و ( مِن ) زائدة في الإِثبات على رأي الأخفش والكوفيين وهو الراجح . وقد بينته عند قوله تعالى : { فأخرجنا منه خَضِراً نُخرج منه حباً متراكباً ومن النخل } [ الأنعام : 99 ] ، فإن { النخل } معطوف على خَضِرا بزيادة { مِن } ولولا اعتبار الزيادة لما استقام الإِعراب إلاّ بكلفة ، وفائدة { من } الزائدة في الكلام أن أصلها التبعيض المجازي على وجه التمليح كأنه يقول : نأخذ بعضَه .