تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَإِذَآ أُلۡقُواْ مِنۡهَا مَكَانٗا ضَيِّقٗا مُّقَرَّنِينَ دَعَوۡاْ هُنَالِكَ ثُبُورٗا} (13)

{ وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ } أي : وقت عذابهم وهم في وسطها ، جمع في مكان بين ضيق المكان وتزاحم السكان وتقرينهم بالسلاسل والأغلال ، فإذا وصلوا لذلك المكان النحس وحبسوا في أشر حبس { دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا } دعوا على أنفسهم بالثبور والخزي والفضيحة وعلموا أنهم ظالمون معتدون ، قد عدل فيهم الخالق حيث أنزلهم بأعمالهم هذا المنزل ، وليس ذلك الدعاء والاستغاثة بنافعة لهم ولا مغنية من عذاب الله ،

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَإِذَآ أُلۡقُواْ مِنۡهَا مَكَانٗا ضَيِّقٗا مُّقَرَّنِينَ دَعَوۡاْ هُنَالِكَ ثُبُورٗا} (13)

والمكان الضيق «منها ، هو يقصد إلى التضييق عليهم في المكان من النار وذلك نوع من التعذيب ، قال صلى الله عليه وسلم » إنهم ليكرهون في النار كما يكره الوتد في الحائط {[8788]}«أي يدخلون كرها وعنفاً ، وقال ابن عباس : تضيق عليهم كما يضيق الزج على الرمح ، وقرأ ابن كثير وعبيد عن أبي عمرو » ضيقاً «بتخفيف الياء والباقون يشدّدون و { مقرنين } معناه مربوط بعضهم إلى بعض ، وروي أن ذلك بسلاسل من نار ، والقرينان من الثيران ما قرنا بحبل للحرث ومنه قول الشاعر : [ الطويل ]

إذا لم يزل حبل القرينين يلتوي . . . فلا بد يوماً من قوى أن تجدما{[8789]}

وقرأ أبو شيبة المهري صاحب معاذ بن جبل رحمه الله » مقرنون «بالواو وهي قراءة شاذة ، والوجه قراءة الناس .


[8788]:أخرج ابن أبي حاتم عن يحيى بن أبي أسيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن قول الله: {وإذا ألقوا منها مكانا ضيقا مقرنين} قال: (والذي نفسي بيده إنهم ليستكرهون في النار كما يستكره الوتد في الحائط).
[8789]:لم نتمكن من قراءة الكلمتين الأخيرتين في البيت –على أن الشاهد فيه هو كلمة "القرينين" في الشطر الأول، وهما الثوران اللذان قرنا بحبل واحد عند الحرث، أو كل اثنين قرنا بحبل لأي غرض من الأغراض.