تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{لَّا يَسۡـَٔمُ ٱلۡإِنسَٰنُ مِن دُعَآءِ ٱلۡخَيۡرِ وَإِن مَّسَّهُ ٱلشَّرُّ فَيَـُٔوسٞ قَنُوطٞ} (49)

{ 49-51 } { لَا يَسْأَمُ الْإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ * وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِمَا عَمِلُوا وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ * وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ }

هذا إخبار عن طبيعة الإنسان ، من حيث هو ، وعدم صبره وجلده ، لا على الخير ولا على الشر ، إلا من نقله الله من هذه الحال إلى حال الكمال ، فقال : { لَا يَسْأَمُ الْإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ } أي : لا يمل دائمًا ، من دعاء الله ، في الغنى والمال والولد ، وغير ذلك من مطالب الدنيا ، ولا يزال يعمل على ذلك ، ولا يقتنع بقليل ، ولا كثير منها ، فلو حصل له من الدنيا ، ما حصل ، لم يزل طالبًا للزيادة .

{ وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ } أي : المكروه ، كالمرض ، والفقر ، وأنواع البلايا { فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ } أي : ييأس من رحمة الله تعالى ، ويظن أن هذا البلاء هو القاضي عليه بالهلاك ، ويتشوش من إتيان الأسباب ، على غير ما يحب ويطلب .

إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات ، فإنهم إذا أصابهم الخير والنعمة والمحاب ، شكروا الله تعالى ، وخافوا أن تكون نعم الله عليهم ، استدراجًا وإمهالاً ، وإن أصابتهم مصيبة ، في أنفسهم وأموالهم ، وأولادهم ، صبروا ، ورجوا فضل ربهم ، فلم ييأسوا .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{لَّا يَسۡـَٔمُ ٱلۡإِنسَٰنُ مِن دُعَآءِ ٱلۡخَيۡرِ وَإِن مَّسَّهُ ٱلشَّرُّ فَيَـُٔوسٞ قَنُوطٞ} (49)

{ لا يسأم الإنسان } لا يمل . { من دعاء الخير } من طلب السعة في النعمة ، وقرئ " من دعاء بالخير " . { وإن مسه الشر } الضيقة . { فيؤوس قنوط } من فضل الله ورحمته وهذا صفة الكافر لقوله : { إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون } وقد يولغ في يأسه من جهة البنية والتكرير وما في القنوط من ظهور أثر اليأس .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{لَّا يَسۡـَٔمُ ٱلۡإِنسَٰنُ مِن دُعَآءِ ٱلۡخَيۡرِ وَإِن مَّسَّهُ ٱلشَّرُّ فَيَـُٔوسٞ قَنُوطٞ} (49)

وقوله تعالى : { لا يسئم الإنسان } آيات نزلت في كفار قريش ، قيل في الوليد بن المغيرة ، وقيل في عتبة بن ربيعة ، وجل الآية يعطي أنها نزلت في كفار وإن كان أولها يتضمن خلقاً ربما شارك فيها{[10094]} بعض المؤمنين . و : { دعاء الخير } إضافته المصدر إلى المفعول ، والفاعل محذوف تقديره : من دعاء الخير هو . وفي مصحف ابن مسعود : «من دعاء بالخير »{[10095]} . و { الخير } في هذه الآية : المال والصحة ، وبذلك تليق الآية بالكافر ، وإن قدرناه خير الآخرة فهي للمؤمن ، وأما اليأس والقنط{[10096]} على الإطلاق فمن صفة الكافر وحده .


[10094]:الخلق مؤنثة، لأنها حال للنفس راسخة تصدر عنها الأفعال من خير أو شر من غير حاجة إلى فكر وروية. (مجمع اللغة العربية).
[10095]:هكذا أيضا في البحر المحيط، وقد أكده حين قال: بإدخال الباء على الخير،أما القرطبي فقد قال: وفي قراءة عبد الله: (لا يسأم الإنسان من دعاء المال).
[10096]:في اللسان: (قنط يقنط ويقنط قنوطا، مثل جلس يجلس جلوسا، وقنط قنطا... وفيه لغة ثالثة قنط يقنط قنطا، مثل تعب يتعب تعبا)، فالقنط - على هذا- كصدر مثل القنوط.