فلما تبرأوا منهم ، قال تعالى [ مخاطبا ] لهم : { فَالْيَوْمَ لَا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا } تقطعت بينكم الأسباب ، وانقطع بعضكم من بعض . { وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا } بالكفر والمعاصي - بعد ما ندخلهم النار - { ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ } فاليوم عاينتموها ، ودخلتموها ، جزاء لتكذيبكم ، وعقوبة لما أحدثه ذلك التكذيب ، من عدم الهرب من أسبابها .
ولما بطلت تمسكاتهم ، وتقطعت تعلقاتهم ، تسبب عن ذلك تقريعهم الناشئ عنه تنديمهم بقوله بلسان العظمة : { فاليوم } أي يوم مخاطبتهم بهذا التبكيت وهو يوم الحشر { لا يملك } أي{[57032]} شيئاً من الملك { بعضكم لبعض } أي من المقربين والمبعدين . ولما كان المدار على الخلاص والسياق للشفاعة ، قدم النفع فقال{[57033]} : { نفعاً } وأكمل الأمر بقوله : { ولا ضراً } تحقيقاً لقطع جميع الأسباب التي كانت في دار التكليف من دار الجزاء التي المقصود فيها تمام إظهار العظمة لله وحده على أتم الوجوه .
ولما كان المعنى : فاليوم نسلب الخلائق ما كنا مكناهم منه في الدنيا من التنافع و{[57034]} التضارر . وتلاشى{[57035]} بذلك كل شيء سواه ، أثبت لنفسه المقدس ما ينبغي ، فقال عاطفاً على هذا الذي قدرته : { ونقول } أي في ذلك الحال من غير إمهال {[57036]}ولا إهمال{[57037]} { للذين ظلموا } أي بوضع العبادة في غير موضعها ولا سيما من ضم إلى ذلك إنكار المعاد عند إدخالنا لهم النار : { ذوقوا عذاب النار } {[57038]}ولما لم يتقدم للعذاب وصف بترديد - كما تقدم في السجدة - ولا غيره ، كان المضاف إليه{[57039]} أحق بالوصف لأنه المصوب إليه بالتكذيب فقال : { التي كنتم } أي جبلة وطبعاً { بها تكذبون * } .
قوله : { فَالْيَوْمَ لا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَفْعًا وَلا ضَرًّا } ذلك تيئيس للمشركين الذين عبدوا الملائكة أو غيرهم من الأنداد ؛ فإنهم يوم القيامة لا منجاة لهم من العذاب وسوء المصير ، وفي هذه الآية يقول الله للملائكة يوم القيامة : اليوم لا ينفعكم الذين كانوا يعبدونكم من المشركين ولا يضرونكم ولا أنتم تملكون لهم أيما نفع أو ضر . فقد فات وقت العمل ، وإنما اليوم حساب ولا عمل { وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ } يقول الله للمشركين الذين ظلموا أنفسهم بعبادتهم غير الله واتخاذهم أندادا وشركاء من دون الله { ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ } يقال لهم ذلك على سبيل التقريع والتعنيف ، وزيادة في التنكيل والتعذيب{[3822]}
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.