البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{فَٱلۡيَوۡمَ لَا يَمۡلِكُ بَعۡضُكُمۡ لِبَعۡضٖ نَّفۡعٗا وَلَا ضَرّٗا وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ ذُوقُواْ عَذَابَ ٱلنَّارِ ٱلَّتِي كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ} (42)

{ فاليوم } : هو يوم القيامة ، والخطاب في { بعضكم } ، قيل : للملائكة ، لأنهم المخاطبون في قوله : { أهؤلاء إياكم } ، ويكون ذلك تبكيتاً للكفار حين بين لهم أن من عبدوه لا ينفع ولا يضر ، ويؤيده : { ولا يشفعون إلا لمن ارتضى } ولأن بعده : { ونقول للذين ظلموا } ، ولو كان الخطاب للكفار ، لكان التركيب فذوقوا .

وقيل : الخطاب للكفار ، لأن ذكر اليوم يدل على حضورهم ، ويكون قوله : ويقول ، تأكيداً لبيان حالهم في الظلم .

وقيل : هو خطاب من الله لمن عبد ومن عبد .

وقوله : { نفعاً } ، قيل : بالشفاعة ، { ولا ضراً } بالتعذيب .

وقيل هنا : { التي كنتم بها تكذبون } ، وفي السجدة : { الذي كنتم به تكذبون } كل منهما ، أي من العذاب ومن النار ، لأنهم هنا لم يكونوا ملتبسين بالعذاب ، بل ذلك أول مارأوا النار ، إذ جاء عقيب الحشر ، فوصفت لهم النار بأنها هي التي كنتم تكذبون بها .

وأما الذي في السجدة ، فهم ملابسو العذاب ، متردّدون فيه لقوله : { كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها } فوصف لهم العذاب الذي هم مباشروه ، وهو العذاب المؤبد الذي أنكروه .