ثم بين أن ما كانوا يعبدون لا ينفعهم فقال : { فاليوم لاَ يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَّفْعاً وَلاَ ضَرّاً } . وهذا الخطاب يحتم أن يكون مع الملائكة{[44771]} لسبق قوله : { أهؤلاء إِيَّاكُمْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ } وعلى هذا يكون تنكيلاً للكافرين حيث بيّن لهم أن معبودهم لا ينفعهم ولا يضر . ويصحح هذا قوله تعالى : «لا يملكون الشّفاعة إلا لمن ارتضى »{[44772]} .
ولقوله بَعْدَه : { وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا } ولو كان المخاطب هم الكفار لقال : «فَذُوفُوا »{[44773]} ويحتمل أن يكون داخلين في الخطاب حتى يصح معنى قوله : { بَعْضُكُمْ لِبَعْضِ } أي الملائكة{[44774]} والجن وإذا لم تملكوها لأنفسكم فلا تملكوها لغيركم ، ويحتمل أن يكون الخطاب والمخاطب هم الكفار لأن ذكر اليوم يدل على حضورهم وعلى هذا فقوله : { وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا } إنما ذكره تأكيداً لبيان حالهم في الظلم .
فإن قيل : قوله «نفعاً » مفيد للحسرة فما فائدة ذكر الضرّ مع أنهم لو كانوا يملكون الضر لما نفع الكافرين ذلك ؟
فالجواب : لما كان العبادة نفع لدفع ضرر المعبود كما يعبد الجبَّار ، ويخدم مخافة شره بين أنهم ليس فيهم ذلك الوجه الذي يحسن لأجله عبادتهم .
فإن قيل : قَوْلُه هَهُنَا : «الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا » صفة للنار وفي السجدة وصف العذاب فجعل المكذب هنا النار وجعل المكذب في السجدة العذاب وهم كانوا يكذبون بالكل فما فائدته ؟
فالجواب : قيل : لأنهم هناك كانوا مُلْتَبِسٍين{[44775]} بالعذاب مترددين فيه بدليل قوله : { كُلَّمَآ أرادوا أَن يَخْرُجُواُ مِنْهَآ أُعِيدُواْ فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُواْ عَذَابَ النار الذي كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ } [ السجدة : 20 ] فوصف لهم ما لابسوه وهنا لم يُلاَبِسُوهُ بعد لأنه عقيب حشرهم وسؤالهم فهو أول ما رأوا النار فقيل لهم : هذه النار التي كنتم بها تكذبون{[44776]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.