تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{يَحۡسَبُ أَنَّ مَالَهُۥٓ أَخۡلَدَهُۥ} (3)

{ يَحْسَبُ } بجهله { أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ } في الدنيا ، فلذلك كان كده وسعيه كله في تنمية ماله ، الذي يظن أنه ينمي عمره ، ولم يدر أن البخل يقصف الأعمار ، ويخرب الديار ، وأن البر يزيد في العمر .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{يَحۡسَبُ أَنَّ مَالَهُۥٓ أَخۡلَدَهُۥ} (3)

وقوله : { يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ } أي : يظن أن جمعه المال يخلده في هذه الدار ؟

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{يَحۡسَبُ أَنَّ مَالَهُۥٓ أَخۡلَدَهُۥ} (3)

وجملة : { يحسب أن ماله أخلده } يجوز أن تكون حالاً من هُمَزة فيكون مستعملاً في التَّهكم عليه في حرصه على جمع المال وتعديده لأنه لا يُوجد من يَحْسب أن ماله يُخلده ، فيكون الكلام من قبيل التمثيل ، أو تكون الحال مراداً بها التشبيه وهو تشبيه بليغ .

ويجوز أن تكون الجملة مستأنفة والخبر مستعملاً في الإِنكار ، أو على تقدير همزة استفهام محذوفة مستعملاً في التهكم أو التعجيب .

وجيء بصيغة المضي في { أخلده } لتنزيل المستقبل منزلة الماضي لتحققه عنده ، وذلك زيادة في التهكم به بأنه موقن بأن ماله يخلده حتى كأنه حصل إخلاده وثبت .

والهَمزة في { أخلده } للتعدية ، أي جعله خالداً .

وقرأ الجمهور : { يحسِب } بكسر السين . وقرأه ابن عامر وعاصم وحمزة وأبو جعفر بفتح السين وهما لغتان .

ومعنى الآية : أن الذين جمعوا المال يشبه حالهم حال من يحسب أن المال يقيهم الموت ويجعلهم خالدين لأن الخلود في الدنيا أقصى متمناهم إذ لا يؤمنون بحياة أخرى خالدة .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{يَحۡسَبُ أَنَّ مَالَهُۥٓ أَخۡلَدَهُۥ} (3)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

يقول : { يحسب أن ماله أخلده } من الموت ، فلا يموت حتى يفنى ماله...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يحسب أن ماله الذي جمعه وأحصاه ، وبخل بإنفاقه ، مُخلدُه في الدنيا ، فمزيلٌ عنه الموت . وقيل : أخلده ، والمعنى : يخلده ...

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

يتوجه بوجهين :

أحدهما : أن يكون على الحقيقة أنه قدره عند نفسه أنه يبقى لبقاء الأموال له لما يرى بقاءه من حيث الظاهر بها ، فتقرر عنده أن ما آتاه الله تعالى من الأموال ، هو رزقه ، فيعيش إلى أن يستوفي جميع رزقه ، فيجمعه ، ويدخره لكي يزيد في عمره . والوجه الثاني : أن يكون على الظن والحسبان ، كأنه يقول : { جمع مالا وعدده } جمع من يظن أن ماله يزيد في عمره .

فإن كان على التأويل الأول فقوله : { كلا } رد عليه ، أي ليس كما قدره عند نفسه ، وإن كان على التأويل الثاني فعلى إيجاب عقوبة مبتدأة .

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

أي : طوّل المال أمله ، ومنّاه الأماني البعيدة ، حتى أصبح لفرط غفلته وطول أمله يحسب أنّ المال تركه خالداً في الدنيا لا يموت . أو يعمل من تشييد البنيان الموثق بالصخر والآجر وغرس الأشجار وعمارة الأرض عمل من يظن أن ماله أبقاه حياً . أو هو تعريض بالعمل الصالح ، وأنه هو الذي أخلد صاحبه في النعيم ؛ فأما المال فما أخلد أحداً فيه . ...

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

معناه : يحسب أن ماله هو معنى حياته وقوامها ، وأنه حفظه مدة عمره ويحفظه . ...

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

ثم وصفه تعالى بضرب خر من الجهل فقال : { يحسب أن ماله أخلده } .

واعلم أن أخلده وخلده بمعنى واحد....

وإنما قال : { أخلده } ولم يقل : يخلده لأن المراد يحسب هذا الإنسان أن المال ضمن له الخلود وأعطاه الأمان من الموت وكأنه حكم قد فرغ منه ، ولذلك ذكره على الماضي . قال الحسن : ما رأيت يقينا لا شك فيه أشبه بشك لا يقين فيه كالموت ...

أحب المال حبا شديدا حتى اعتقد أنه إن انتقص مالي أموت ، فلذلك يحفظه من النقصان ليبقى حيا ، وهذا غير بعيد من اعتقاد البخيل...

أما قوله تعالى : { كلا } ففيه وجهان؛

( أحدهما ) : أنه ردع له عن حسبانه أي ليس الأمر كما يظن أن المال يخلده بل العلم والصلاح ...

والقول الثاني معناه حقا : { لينبذن } واللام في : { لينبذن } جواب القسم المقدر فدل ذلك على حصول معنى القسم في كلا .

أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي 685 هـ :

تركه خالدا في الدنيا ، فأحبه كما يحب الخلود ، أو حب المال أغفله عن الموت ، أو طول أمله حتى حسب أنه مخلد ، فعمل عمل من لا يظن الموت ، ...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

وجيء بصيغة المضي في { أخلده } لتنزيل المستقبل منزلة الماضي لتحققه عنده ، وذلك زيادة في التهكم به بأنه موقن بأن ماله يخلده حتى كأنه حصل إخلاده وثبت . ...

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

ويعني أن هذا الهمزة اللمزة يحسب أنّ ماله قد صيّر منه موجوداً خالداً ، لا يستطيع الموت أن يصل إليه ، ولا عوامل المرض والحوادث قادرة أن تنال منه ، فالمال في نظره هو المفتاح الوحيد لحل كلّ مشكلة ، وهو يملك هذا المفتاح . ما أتفه هذا التفكير ! ! قارون بكل ما كان يملكه من كنوز لا تستطيع العصبة أولو القوّة أن تحمل مفاتحها ، لم يستطع أن يستخدم أمواله لتأخير مصيره الأسود ساعة واحدة : { فخسفنا به وبداره الأرض } . الأموال التي كان يمتلكها الفراعنة : { . . . من جنات وعيون وزروع ومقام كريم ونعمة كانوا فيها فاكهين } ، تحولت في ساعة إلى غيرهم : { كذلك وأورثناها قوماً آخرين } . لذلك فإنّ هؤلاء اللاهين بأموالهم ، حين تزول من أمام أعينهم الحجب والأستار يوم القيامة يرفعون عقيرتهم بالقول : { ما أغنى عنّي ماليه ، هلك عني سلطانيه } . الإنسان أساساً يهرب من الفناء والعدم ويميل إلى الخلود ، وهذه الرغبة الداخلية هي من أدلة المعاد ، وأنّ الإنسان مخلوق للخلود ، وإلاّ ما كانت فيه غريزة حبّ الخلود . لكنّ الإنسان المغرور الأناني الدنيوي يخال خلوده كامناً في أشياء هي ذاتها عامل فنائه وانعدامه . على سبيل المثال : المال والمقام اللذان هما غالباً من أعداء بقائه يحسبهما وسيلة لخلوده . من هنا يتبيّن أنّ الظنّ بقدرة المال على الإخلاد ، هو الذي يدفع إلى جمع المال ، وجمع المال أيضاً عامل على الاستهزاء والسخرية بالآخرين عند هؤلاء الغافلين . ...