إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{يَحۡسَبُ أَنَّ مَالَهُۥٓ أَخۡلَدَهُۥ} (3)

{ يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ } أيْ يعملُ عملَ منْ يظنُّ أنَّ مالَهُ يبقيهِ حياً ، والإظهارُ في موقعِ الإضمارِ لزيادةِ التقريرِ . وقيلَ : طَوَّلَ المالُ أَمَلَه وَمَنَّاهُ الأَمَانيِّ البعيدةَ حَتَّى أصبحَ لفرطِ غفلتِه وطولِ أملِه يحسبُ أنَّ المالَ تركَهُ خَالداً في الدُّنيا لا يموتُ . وقيلَ : هُو تَعريضٌ بالعملِ الصالحِ والزهدِ في الدُّنيا ، وأنَّه هُوَ الذي أخلدَ صاحبَهُ في الحياةِ الأبديةِ والنعيمِ المقيمِ ، فأمَّا المالُ فليسَ بخالدٍ ولا بمُخَلِّدٍ . ورُوِيَ أنَّ الأخنسَ كانَ لهُ أربعةُ آلافِ دينارٍ ، وقيلَ : عشرةُ آلافٍ . والجملةُ مستأنفةٌ أو حالٌ منْ فاعلِ جَمَع .