تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيۡهِم بِعِلۡمٖۖ وَمَا كُنَّا غَآئِبِينَ} (7)

{ فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ } أي : على الخلق كلهم ما عملوا { بِعِلْمٍ } منه تعالى لأعمالهم { وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ } في وقت من الأوقات ، كما قال تعالى : { أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ } وقال تعالى : { وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ }

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيۡهِم بِعِلۡمٖۖ وَمَا كُنَّا غَآئِبِينَ} (7)

وقال ابن عباس : { فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ } يوضع الكتاب يوم القيامة ، فيتكلم بما كانوا يعملون ، { وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ } يعني : أنه تعالى يخبر عباده يوم القيامة بما قالوا وبما عملوا ، من قليل وكثير ، وجليل وحَقِير ؛ لأنه تعالى شهيد على كل شيء ، لا يغيب عنه شيء ، ولا يغفل عن شيء ، بل هو العالم بخائنة الأعين وما تخفي الصدور ، { وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ } [ الأنعام : 59 ] .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيۡهِم بِعِلۡمٖۖ وَمَا كُنَّا غَآئِبِينَ} (7)

الفاء في قوله : { فلنقصن عليهم } للتفريع والتّرتيب على قوله : { فلنسألن } ، أي لنسألنّهم ثمّ نخبرهم بتفصيل ماأجمله جوابهم ، أي فلنقصّنّ عليهم تفاصيل أحوالهم ، أي فعِلْمُنا غَنِي عن جوابهم ولكن السّؤال لغرض آخر .

وقد دلّ على إرادة التّفصيل تنكيرُ علم في قوله : { بعلم } أي علم عظيم ، فإنّ تنوين ( عِلم ) للتعظيم ، وكمالُ العلم إنّما يظهر في العلم بالأمور الكثيرة ، وزاد ذلك بياناً قولُه : { وما كنا غائبين } الذي هو بمعنى : لا يعزب عن علمنا شيء يغيب عنّا ونغيب عنه .

والقَصّ : الاخبار ، يقال : قصّ عليه ، بمعنى أخبره ، وتقدّم في قوله تعالى : { يقص الحقّ } في سورة الأنعام ( 57 ) .

وجملة : { وما كنا غائبين } معطوف على { فلنقصن عليهم بعلم } ، وهي في موقع التّذييل .

والغائب ضدّ الحاضر ، وهو هنا كناية عن الجاهل ، لأنّ الغيبة تستلزم الجهالة عرفاً ، أي الجهالة بأحوال المَغيب عنه ، فإنّها ولو بلغتْه بالأخبار لا تكون تامة عنده مثل المشاهد ، أي : وما كنّا جاهلين بشيء من أحوالهم ، لأنّنا مطّلعون عليهم ، وهذا النّفي للغيبة مثل إثبات المعيَّة في قوله تعالى : { وهو معكم أينما كنتم } [ الحديد : 4 ] .

وإثباتُ سؤال الأمم هنا لا ينافي نفيه في قوله تعالى : { ولا يُسأل عن ذنوبهم المجرمون } [ القصص : 78 ] وقوله { فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان } [ الرحمن : 39 ] لأنّ المسؤول عنه هنا هو التّبليغ والمنفيَّ في الآيتين الآخريين هو السّؤال لمعرفة تفاصيل ذنوبهم وهو الذي أريد هنا قوله : { وما كنا غائبين } .