تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيۡهِم بِعِلۡمٖۖ وَمَا كُنَّا غَآئِبِينَ} (7)

المفردات :

فلنقصن : فلنحكين : يقال : قص الخبر يقصه قصا : حكاه .

التفسير :

فلنقصن عليهم بعلم وما كنا غائبين .

أي : فلنقصن على الرسل والمرسل إليهم ، كل ما وقع منهم عن علم دقيق وإحصاء شامل ؛ لأننا لا يغيب عنا شيء من أحوالهم .

قال تعالى : يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أجبتم قالوا لا علم لنا إنك أنت علام الغيوب . ( المائدة : 109 ) .

والحق سبحانه وتعالى هنا يعرض الغائب حاضرا ، ويستعرض القيامة وأهوالها وأحوالها ؛ ليضع الإنسان أمام نفسه ، تبصرة وتذكرة ، وهذه من ألوان تعريف القول في القرآن الكريم فهو حينا يعرض أخبار الأمم الماضية وأحوالها ، وهو حينا يعرض مظاهر الكون وبديع صنع الله في الخلق ، وهو حينا آخر يستعرض القيامة والبعث والحشر والسؤال والصراط والميزان ، حتى يشاهد الإنسان بعينيه في الدنيا مشاهد القيامة كأنها بين يديه ؛ ليزداد عظة وعبرة .

يقول الشيخ محمود شلتوت سيخ الجامع الأزهر في تفسير العشرة أجزاء الأولى للقرآن الكريم :

والذي يهمنا هنا أن نقرر أن هذا السؤال لم يكن سؤال استفهام ولا استخبار ، وإنما هو سؤال تبكيت وتنديد ، فليس في السائل مظنة أن يجهل ، ولا في المسئول مظنة أن ينكر : وهو تصوير لما يكون من شعور المكذبين بتكذيبهم ، وشعور المرسلين بتبليغهم ، وهو نوع من تسجيل الحجة على من أنكرها ، وأعرض عنها في الوقت الذي كان يجد به الإقبال عليها والإيمان بها ، وهو نوع من زيادة الحسرة ، وقطع الآمال في النجاة ، بوضع يد المجرم على جسم جريمته ، وهو في الوقت نفسه نوع من زيادة الأمن والطمأنينة للرسل في القيام بدعوتهم ، وتبليغهم ما أمروا بتبليغه ، ولعل كل ذلك يرشد إليه قوله تعالى : فلنقصن عليهم بعلم وما كنا غائبين .