والمعنى : أنه بين للقوم ما أسروه ، وما أعلنوه من أعمالهم ، وبين الوجوه التي لأجلها أقدموا على تلك الأعمال .
وقوله : " بعلم " في موضع [ الحال ] من الفاعل ، و " الباء " للمصاحبة أي : لنقصن على الرسل والمرسل إليهم حال كوننا متلبسين بالعلم ، ثم أكد هذا المعنى بقوله : { وما كنا غائبين } أي : ما غاب عن علمه شيء من أعمالهم ، وذلك يدل على أن الإله لا يكمل إلا إذا كان عالما بجميع الجزئيات حتى يمكنه أن يميز المطيع عن العاصي والمحسن عن المسيء .
فإن قيل : كيف الجمع بين قوله { فلنسألن الذين أرسل إليهم ولنسألن المرسلين } وبين قوله : { فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان } [ الرحمن : 39 ] وقوله : { ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون } [ القصص : 78 ] فالجواب من وجوه :
أحدهما : أن القوم لا يسألون عن الأعمال ، لأن الكتب مشتملة عليها ولكنهم يسألون عن الدواعي التي دعتهم إلى الأعمال ، وعن الصوارف التي صرفتهم .
وثانيهما : أن السؤال قد يكون لأجل الاسترشاد والاستفادة وقد يكون لأجل التوبيخ كقول القائل : { ألم أعطك } وقوله تعالى : { ألم أعهد إليكم يا بني آدم } [ يس : 60 ] وقول الشاعر : [ الوافر ] .
2404- ألستم خير من ركب المطايا *** . . . {[15768]}
فإذا عرف هذا فنقول : إن الله عز وجل لا يسأل أحدا لأجل الاستفادة والاسترشاد ، ويسألهم لأجل توبيخ الكفار وإهانتهم ، ونظيره قوله تعالى : { فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون } ثم قال : { فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون } [ المؤمنون : 101 ] .
فإن الآية الأولى تدل على أن المسألة الحاصلة بينهم إنما كانت على سبيل أن بعضهم يلوم بعضا لقوله : " وأقبل بعضهم على بعض يتلاومون " ، وقوله : { فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون } [ المؤمنون : 101 ] معناه : أنه لا يسأل بعضهم بعضا على سبيل الشفقة واللطف ، لأن النسب يوجب الميل والرحمة والإكرام .
وثالثها : أن يوم القيامة يوم طويل ومواقفها كثيرة فأخبر عن بعض الأوقات بحصول السؤال ، وعن بعضها بعدم السؤال ، وهذه الآية تدل على أنه تعالى يحاسب كل عباده المرسلين والمرسل إليهم ، ويبطل قول من زعم أنه لا حساب على الأنبياء والكفار .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.