تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ رَءَاهُ بِٱلۡأُفُقِ ٱلۡمُبِينِ} (23)

{ وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ } أي : رأى محمد صلى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام بالأفق البين ، الذي هو أعلى ما يلوح للبصر .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ رَءَاهُ بِٱلۡأُفُقِ ٱلۡمُبِينِ} (23)

وقوله تعالى : { وَلَقَدْ رَآهُ بِالأفُقِ الْمُبِينِ } يعني : ولقد رأى محمدٌ جبريل الذي يأتيه بالرسالة عن الله عز وجل على الصورة التي خلقه الله عليها له ستمائة جناح { بِالأفُقِ الْمُبِينِ } أي : البين ، وهي الرؤية الأولى التي كانت بالبطحاء ، وهي المذكورة في قوله : { عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى وَهُوَ بِالأفُقِ الأعْلَى ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى فَأَوْحَى إَلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى } [ النجم : 5 - 10 ] ، كما تقدم تفسيرُ ذلك وتقريره . والدليلُ أن المرادَ بذلك جبريل ، عليه السلام . والظاهر - والله أعلم - أن هذه السورة نزلت قبل ليلة الإسراء ؛ لأنه لم يذكر فيها إلا هذه الرؤية وهي الأولى ، وأما الثانية وهي المذكورة في قوله : { وَلَقَدْ رَآهُ نزلَةً أُخْرَى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى } [ النجم : 13 - 16 ] ، فتلك إنما ذكرت في سورة " النجم " ، وقد نزلت بعد[ سورة ]{[29793]} الإسراء .


[29793]:- (1) زيادة من م.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ رَءَاهُ بِٱلۡأُفُقِ ٱلۡمُبِينِ} (23)

عطف على جملة : { وما صاحبكم بمجنون } [ التكوير : 22 ] .

والمناسبة بين الجملتين أن المشركين كانوا إذا بلغهم أن الرسول صلى الله عليه وسلم يخبر أنه نَزل عليه جبريل بالوحي من وقت غار حراء فما بعده استهزأوا وقالوا : إن ذلك الذي يتراءى له هو جنّي ، فكذبهم الله بنفي الجنون عنه ثم بتحقيق أنه إنما رأى جبريل القويّ الأمين . فضمير الرفع عائد إلى صاحب من قوله : { وما صاحبكم } وضمير النصب عائد إلى { رسول كريم } [ التكوير : 19 ] ، وسياق الكرم يبين معاد الرائِي والمرئي .

و« الأفُق » : الفضاء الذي يبدو للعين من الكُرة الهوائية بين طرفي مطلع الشمس ومغربها من حيث يلوح ضوء الفجر ويبدو شَفق الغروب وهو يلوح كأنه قبة زرقاء والمعنى رآه ما بين السماء والأرض .

و { المبين } : وصف الأفق ، أي للأفق الواضح البيّن .

والمقصود من هذا الوصف نعت الأفق الذي تراءى منه جبريل للنبيء عليهما الصلاة والسلام بأنه أفق واضح بيّن لا تشتبه فيه المرئيات ولا يتخيل فيه الخيال ، وجُعلت تلك الصفة علامة على أن المرئي ملَك وليس بخيال لأن الأخيلة التي يتخيلها المجانين إنما يتخيلونها على الأرض تابعةً لهم على ما تعودوه من وقت الصحة ، وقد وَصَف النبي صلى الله عليه وسلم المَلَك الذي رآه عند نزول سورة المدثر بأنه على كُرسي جالس بين السماء والأرض ، ولهذا تكرر ذكر ظهور المَلَك بالأفق في سورة النجم ( 5 9 ) في قوله تعالى : { علمه شديد القوى ذو مرة فاستوى وهو بالأفق الأعلى ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى } إلى أن قال : { أفتمارونه على ما يرى ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى } [ النجم : 12 15 ] الآيات ، قيل : رأى النبي جبريل عليهما السلام بمكة من جهة جبل أجياد من شرقيّه .