ولما ذكر قصص هؤلاء الأمم مع رسلهم ، قال الله تعالى لرسوله : { ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْقُرَى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ ْ } لتنذر به ، ويكون آية على رسالتك ، وموعظة وذكرى للمؤمنين .
{ مِنْهَا قَائِمٌ ْ } لم يتلف ، بل بقي من آثار ديارهم ، ما يدل عليهم ، { وَ ْ } منها { حَصِيدٌ ْ } قد تهدمت مساكنهم ، واضمحلت منازلهم ، فلم يبق لها أثر .
لما ذكر تعالى خبر هؤلاء الأنبياء ، وما جرى لهم مع أممهم ، وكيف أهلك الكافرين ونَجّى المؤمنين قال : { ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْقُرَى } أي : من أخبارها { نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا قَائِمٌ } {[14900]} أي : عامر ، { وَحَصِيدٌ } أي : هالك دائر ، { وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ } أي : إذ أهلكناهم ، { وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ } أي : بتكذيبهم رسلنا وكفرهم بهم ، { فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ } أي : أصنامهم وأوثانهم التي كانوا يعبدونها ويدعونها ، { مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ } أي : ما نفعوهم ولا أنقذوهم لما جاء أمر الله بإهلاكهم ، { وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ }{[14901]} .
قال مجاهد ، وقتادة ، وغيرهما : أي غير تخسير ، وذلك أن سبب هلاكهم ودَمَارهم إنما كان باتباعهم تلك الآلهة وعبادتهم إياها{[14902]} فبهذا أصابهم ما أصابهم ، وخسروا بهم ، في الدنيا والآخرة .
وقوله : { ذلك من أنباء الغيب } الآية ، { ذلك } إشارة إلى ما تقدم من ذكر العقوبات النازلة بالأمم المذكورة ، و «الأنباء » الأخبار . و { القرى } يحتمل أن يراد بها القرى التي ذكرت في الآيات المتقدمة خاصة ، ويحتمل أن يريد القرى عامة ، أي هذه الأنباء المقصوصة عليك هو عوائد المدن إذا كفرت ، فيدخل - على هذا التأويل - فيها المدن المعاصرة ، ويجيء قوله : { منها قائم وحصيد } منها عامر ودائر ، وهذا قول ابن عباس : وعلى التأويل الأول - في أنها تلك القرى المخصوصة - يكون قوله : { قائم وحصيد } بمعنى قائم الجدرات ومتهدم لا أثر له{[6500]} ، وهذا قول قتادة وابن جريج ، والآية بجملتها متضمنة التخويف وضرب المثل للحاضرين من أهل مكة وغيرهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.