تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{ذَٰلِكَ مِنۡ أَنۢبَآءِ ٱلۡقُرَىٰ نَقُصُّهُۥ عَلَيۡكَۖ مِنۡهَا قَآئِمٞ وَحَصِيدٞ} (100)

وقوله تعالى : ( ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْقُرَى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا قَائِمٌ وَحَصِيدٌ ) قوله : ( ذلك من أنباء القرى ) ذلك ما سبق من ذكر القرى والقرون[ المقصود قوله تعالى : ( فلولا ان من القرون من قبلكم )[ الآية : 116 ] ] في هذه السورة من أنباء نقصه عليك لتعلم بها رسالتك ، ولتكون آية لنبوتك لأنك لم تشاهدها ، ولا اختلفت[ في الأصل وم : اختلفت[ في الأصل وم : اختلف ] لأحد منهم ، فتعلمت منهم ، ولا كانت الكتب بلسانك ، فيقولون : نظرت فيها ، فأخذت ذلك منها ، ثم أنبأت على ما كان ، وقصصت عليهم لتعلم أنك إنما عرفت بالله ، فتكون آية لرسالتك .

وقوله تعالى : ( قائم وحصيد ) قال بعض أهل التأويل : ههنا قائم ترى [ مكانه ، وتنظر إليه ، ومنه ][ في الأصل وم : مكانها وتنظر إليها ومنها ] حصيد لا ترى له أثرا ولا مكانا . وقال بعضهم : قائم أي خاوية على عروشها ، وحصيد مستأصلة .

وعن الحسن [ أنه ][ ساقطة من الأصل وم ] قال : ( منها قائم ) وما حصد الله أكثر ؛ أي ما أهلك الله من القرى أكثر .

وأصله عندنا : ( منها قائم ) نحو قرى عاد وثمود ومدين ؛ أهلك أهلها ، وبقيت القرى لأهل الإسلام ، لأنه يقول في قرى عاد : ( فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم )الآية[ الأحقاف : 25 ] ومنها حصيد ما أهلك أهلها والقرى جميعا نحو قوم نوح أهلكوا ببنيانهم ، ونحو قريات قوم لوط أهلكت بأهلها أيضا حتى لم يبق لا الأهل ولا البنيان . فذلك ، والله أعلم تأويل قوله : ( منها قائم ) هلك أهلها ، وبقي البنيان ( وحصيد ) هو ما أهلك البنيان بأهله حتى لم ينقى له[ في الأصل وم : لها ] أثر .

وفيه وجوه ثلاثة :

أحدها : [ أنه ][ ساقطة من الأصل وم ] آية الرسالة .

[ والثاني : أنه ][ في الأصل وم : و ] عبرة لأهل التقوى ، وهو ما ذكر في آخره : ( إن في ذلك لآية لمن خاف عذاب الآخرة )[ هود : 103 ] .

[ والثالث : أنه زجر ][ في الأصل وم : وزجرا ] لأهل الشرك والكفر لأنهم يذكرون ما نزل بأولئك ، فيزجرون عن صنعهم فيه . هذه الوجوه التي ذكرها ، والله أعلم .