السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{ذَٰلِكَ مِنۡ أَنۢبَآءِ ٱلۡقُرَىٰ نَقُصُّهُۥ عَلَيۡكَۖ مِنۡهَا قَآئِمٞ وَحَصِيدٞ} (100)

ولما ذكر تعالى قصص الأوّلين قال تعالى : { ذلك } ، أي : المذكور وهو مبتدأ خبره { من أنباء القرى } ، أي : أخبار أهل القرى وهم الأمم السالفة في القرون الماضية ، وقوله تعالى : { نقصه عليك } ، أي : نخبرك به يا محمد خبراً بعد خبر ، وفائدة ذكر هذه القصص على النبيّ صلى الله عليه وسلم ليعلم السامع أنّ المؤمن يخرج من الدنيا مع الثناء الجميل في الدنيا والثواب الجزيل في الآخرة ، وأنّ الكافر يخرج مع اللعنة في الدنيا والعقاب في الآخرة ، وإذا تكرّرت هذه الأقاصيص على السمع فلا بدّ وأن يلين القلب وتخضع النفس وتزول العداوة ويحصل في القلب خوف يحمله على النظر والاستدلال . وفي أخباره صلى الله عليه وسلم بهذه القصص من غير مطالعة كتب ولا تتلمذ دلالة على نبوّته فإنّ ذلك لا يكون إلا بوحي من الله تعالى { منها } ، أي : القرى { قائم } ، أي : باقٍ كالزرع القائم هلك أهله دونه { و } منها { حصيد } ، أي : عافى الأثر كالزرع المحصود هلك مع أهله .