نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{ذَٰلِكَ مِنۡ أَنۢبَآءِ ٱلۡقُرَىٰ نَقُصُّهُۥ عَلَيۡكَۖ مِنۡهَا قَآئِمٞ وَحَصِيدٞ} (100)

ولما كانت هذه الأخبار على غاية من التحذير{[40077]} ، لا يعرفه إلا بالغ في العلم ، كان من المعلوم قطعاً أنه صلى الله عليه وسلم لم يأت بها إلا من عند الله للعلم المشاهد{[40078]} بأنه لم يعان علماً ولا ألم بعالم يوماً ، هذا مع{[40079]} ما اشتملت عليه من أنواع البلاغة وتضمنته من أنحاء الفصاحة وأومأت إليه بحسن سياقاتها من صروف الحكم{[40080]} وإفادة تفصيلها من فنون المعارف ، فلذلك استحقت أن يشار إليها بأداة البعد إيماء إلى بعد المرتبة وعلو الأمر فقال تعالى : { ذلك } أي النبأ العظيم والخطب الجسيم { من أنباء القرى } وأكد هذا المعنى بلفظ النبأ لأنه الخبر فيه عظيم الشأن ، ومنه النبي ، وأشار بالتعبير بالمضارع في قوله : { نقصه عليك } إلى أنا كما قصصناها عليك في هذا الحال للمقصد المتقدم سنقصها عليك لغير ذلك من الأغراض في فنون البلاغة وتصاريف الحكم كما سترى عند قصه ؛ ثم أشار - بما أخبر من حالها بقوله : { منها } أي القرى { قائم وحصيد* } إلى أنك مثل ما سمعت ما قصصنا عليك{[40081]} من أمرها بأذنك ووعيته{[40082]} بقلبك تحسها بعينك بمشاهدة أبنيتها وآثارها قائمة ومستحصدة ، أي متهدمة{[40083]} لم يبق من بنيانها{[40084]} إلا بعض جدرانها .


[40077]:في ظ: التجويز، وفي مد: التحوير.
[40078]:في ظ: المتشاهد.
[40079]:زيد من مد.
[40080]:سقط من ظ.
[40081]:زيد من ظ.
[40082]:من ظ ومد، وفي الأصل: غيبة.
[40083]:في ظ: متهمة.
[40084]:في ظ: بنائها.