تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَٱلتَّـٰلِيَٰتِ ذِكۡرًا} (3)

{ فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا } وهم الملائكة الذين يتلون كلام اللّه تعالى .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{فَٱلتَّـٰلِيَٰتِ ذِكۡرًا} (3)

1

{ فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا } قال السدي : الملائكة يجيئون بالكتاب ، والقرآن من عند الله إلى الناس . وهذه الآية كقوله تعالى : { فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا عُذْرًا أَوْ نُذْرًا } [ المرسلات : 5 ، 6 ] .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{فَٱلتَّـٰلِيَٰتِ ذِكۡرًا} (3)

بسم الله الرحمن الرحيم { والصافات صفا* فالزاجرات زجرا* فالتاليات ذكرا } أقسم بالملائكة الصافين في مقام العبودية على مراتب باعتبارها تفيض عليهم الأنوار الإلهية منتظرين لأمر الله الزاجرين الأجرام العلوية والسفلية بالتدبير المأمور به فيها أو الناس عن المعاصي بإلهام الخير ، أو الشياطين عن التعرض لهم التالين آيات الله وجلايا قدسه على أنبيائه وأوليائه ، أو بطوائف الأجرام المرتبة كالصفوف المرصوصة والأرواح المدبرة لها والجواهر القدسية المستغرقة في بحار القدس { يسبحون الليل والنهار لا يفترون } أو بنفوس العلماء الصافين في العبادات الزاجرين عن الكفر والفسوق بالحجج والنصائح التالين آيات الله وشرائعه ، أو بنفوس الغزاة الصافين في الجهاد الزاجرين الخيل ، أو العدو التالين ذكر الله لا يشغلهم عنه مباراة العدو والعطف لاختلاف الذوات ، أو الصفات والفاء لترتيب الوجود كقوله :

يا لهف زيابة للحارث الصاب *** اح فالغانم فالآيب

فإن الصف كمال والزجر تكميل بالمنع عن الشر ، أو الإشاقة إلى قبول الخير والتلاوة إفاضته أو الرتبة كقوله عليه الصلاة والسلام " رحم الله المحلقين فالمقصرين " غير أنه لفضل المتقدم على المتأخر وهذا للعكس ، وأدغم أبو عمرو وحمزة التاءات فيما يليها لتقاربها فإنها من طرف اللسان وأصول الثنايا .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فَٱلتَّـٰلِيَٰتِ ذِكۡرًا} (3)

و« التاليات ذكراً » المترددون لكلام الله تعالى الذي يتلقونه من جانب القدس لتبليغ بعضهم بعضاً أو لتبليغه إلى الرسل كما أشار إليه قوله تعالى : { حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير } [ سبأ : 23 ] . وبيّنه قول النبي صلى الله عليه وسلم " إذا قضى الله الأمر في السماء ضَربت الملائكةُ بأجنحتها خُضْعَاناً لقوله كأنَّه سلسلة على صفوان فإذا فُزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم ؟ قالوا : الذي قال الحق " .

والمراد ب« التاليات » ما يتلونه من تسبيح وتقديس لله تعالى لأن ذلك التسبيح لما كان ملقناً من لدن الله تعالى كان كلامهم بها تلاوة . والتلاوة : القراءة ، وتقدمت في قوله تعالى : { واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان } في [ البقرة : 102 ] ، وقوله : { وإذا تليت عليهم آياته في } [ الأنفال : 2 ] .

والذكر ما يتذكر به مِن القرآن ونحوه ، وتقدم في قوله : { وقالوا يا أيها الذي نُزّل عليه الذكر } في سورة [ الحجر : 6 ] .

وما تفيده الفاء من ترتيب معطوفها يجوز أن يكون ترتيباً في الفضل بأن يراد أن الزجر وتلاوة الذكر أفضل من الصَّف لأن الاصطفاف مقدمة لها ووسيلة والوسيلة دون المتوسَّل إليه ، وأن تلاوة الذكر أفضل من الزجر باعتبار ما فيها من إصلاح المخلوقات المزجورة بتبليغ الشرائع إن كانت التلاوة تلاوة الوحي الموحَى به للرسل ، أو بما تشتمل عليه التلاوة من تمجيد الله تعالى فإن الأعمال تتفاضل تارة بتفاضل متعلقاتها .

وقد جعل الله الملائكة قِسْماً وسَطاً من أقسام الموجودات الثلاثة باعتبار التأثير والتأثر . فأعظم الأقسام المؤثر الذي لا يتأثر وهو واجب الوجود سبحانه ، وأدناها المتأثر الذي لا يُؤثر وهو سائر الأجسام ، والمتوسط الذي يؤثر ويتأثر وهذا هو قسم المجرَّدات من الملائكة والأرواح فهي قابلة للأثر عن عالم الكبرياء الإِلهية وهي تباشر التأثير في عالم الأجسام . وجِهةُ قابليتها الأثر من عالم الكبرياء مغايِرةٌ لجهة تأثيرها في عالم الأجسام وتصرفها فيها ، فقوله : فالزاجِراتِ زَجْراً } إشارة إلى تأثيرها ، وقوله : { فالتالِياتِ ذِكراً } إشارة إلى تأثرها بما يلقى إليها من أمر الله فتتلوه وتتعبّد بالعمل به .