تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ مِنۡ أَنۢبَآءِ ٱلۡقُرَىٰ نَقُصُّهُۥ عَلَيۡكَۖ مِنۡهَا قَآئِمٞ وَحَصِيدٞ} (100)

ولما ذكر قصص هؤلاء الأمم مع رسلهم ، قال الله تعالى لرسوله : { ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْقُرَى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ ْ } لتنذر به ، ويكون آية على رسالتك ، وموعظة وذكرى للمؤمنين .

{ مِنْهَا قَائِمٌ ْ } لم يتلف ، بل بقي من آثار ديارهم ، ما يدل عليهم ، { وَ ْ } منها { حَصِيدٌ ْ } قد تهدمت مساكنهم ، واضمحلت منازلهم ، فلم يبق لها أثر .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ مِنۡ أَنۢبَآءِ ٱلۡقُرَىٰ نَقُصُّهُۥ عَلَيۡكَۖ مِنۡهَا قَآئِمٞ وَحَصِيدٞ} (100)

لما ذكر تعالى خبر هؤلاء الأنبياء ، وما جرى لهم مع أممهم ، وكيف أهلك الكافرين ونَجّى المؤمنين قال : { ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْقُرَى } أي : من أخبارها { نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا قَائِمٌ } {[14900]} أي : عامر ، { وَحَصِيدٌ } أي : هالك دائر ، { وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ } أي : إذ أهلكناهم ، { وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ } أي : بتكذيبهم رسلنا وكفرهم بهم ، { فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ } أي : أصنامهم وأوثانهم التي كانوا يعبدونها ويدعونها ، { مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ } أي : ما نفعوهم ولا أنقذوهم لما جاء أمر الله بإهلاكهم ، { وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ }{[14901]} .

قال مجاهد ، وقتادة ، وغيرهما : أي غير تخسير ، وذلك أن سبب هلاكهم ودَمَارهم إنما كان باتباعهم تلك الآلهة وعبادتهم إياها{[14902]} فبهذا أصابهم ما أصابهم ، وخسروا بهم ، في الدنيا والآخرة .


[14900]:- في ت : "نقصها" وهو خطأ.
[14901]:- في ت : "تثبيت".
[14902]:- في ت : "إياهم".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ مِنۡ أَنۢبَآءِ ٱلۡقُرَىٰ نَقُصُّهُۥ عَلَيۡكَۖ مِنۡهَا قَآئِمٞ وَحَصِيدٞ} (100)

{ ذلك } أي ذلك النبأ . { من أنباء القرى } المهلكة . { نقصّه عليك } مقصوص عليك . { منها قائم } من تلك القرى باق كالزرع القائم . { وحصيد } ومنها عافي الأثر كالزرع المحصود ، والجملة مستأنفة وقيل حال من الهاء في نقصه وليس بصحيح إذ لا واو ولا ضمير .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ مِنۡ أَنۢبَآءِ ٱلۡقُرَىٰ نَقُصُّهُۥ عَلَيۡكَۖ مِنۡهَا قَآئِمٞ وَحَصِيدٞ} (100)

وقوله : { ذلك من أنباء الغيب } الآية ، { ذلك } إشارة إلى ما تقدم من ذكر العقوبات النازلة بالأمم المذكورة ، و «الأنباء » الأخبار . و { القرى } يحتمل أن يراد بها القرى التي ذكرت في الآيات المتقدمة خاصة ، ويحتمل أن يريد القرى عامة ، أي هذه الأنباء المقصوصة عليك هو عوائد المدن إذا كفرت ، فيدخل - على هذا التأويل - فيها المدن المعاصرة ، ويجيء قوله : { منها قائم وحصيد } منها عامر ودائر ، وهذا قول ابن عباس : وعلى التأويل الأول - في أنها تلك القرى المخصوصة - يكون قوله : { قائم وحصيد } بمعنى قائم الجدرات ومتهدم لا أثر له{[6500]} ، وهذا قول قتادة وابن جريج ، والآية بجملتها متضمنة التخويف وضرب المثل للحاضرين من أهل مكة وغيرهم .


[6500]:- على التشبيه بالزرع، بعضه قائم على سوقه، وبعضه حصيد، قال قتادة: جعل حصد الزرع كناية عن الفناء، قال الشاعر: والناس في قسم المنية بينهم كالزرع منه قائم وحصيد.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ مِنۡ أَنۢبَآءِ ٱلۡقُرَىٰ نَقُصُّهُۥ عَلَيۡكَۖ مِنۡهَا قَآئِمٞ وَحَصِيدٞ} (100)

استئناف للتنويه بشأن الأنباء التي مَرّ ذكرُها .

واسم الإشارة إلى المذكور كلّه من القصص من قصة نوح عليه السلام وما بعدها .

والأنباء : جمع نبأ ، وهو الخبر ، وتقدّم في سورة الأنعام ( 34 ) في قوله : { ولقد جاءك من نبأى المرسلين } . وجملة { نقصّه عليك } حال من اسم الإشارة . وعبّر بالمضارع مع أن القصص مضى لاستحضار حالة هذا القصص البليغ .

وجملة { منها قائم وحصيد } معترضة . حال من { القرى } .

و { قائم } صفة لموصوف محذوف دلّ عليه عطف { وحصيد } ، والمعنى : منها زَرع قائم وزرع حصيد ، وهذا تشبيه بليغ .

والقائم : الرزع المستقل على سُوقه . والحصيد : الزرع المحصود ، فعيل بمعنى مفعول . وكلاهما مشبّه به للباقي من القرى والعافي . والمرادُ بالقائم ما كان من القرى التي قصّها الله في القرآن قُرى قائماً بعضها كآثار بلد فرعون كالأهرام وبلهوبة ( وهو المعروف بأبي الهول ) وهيكل الكرنك بمصر ، ومثل آثار نينوى بلد قوم يونس ، وأنطاكية قرية المرسلين الثلاثة ، وصنعاء بلد قوم تُبّع ، وقرى بائدة مثل ديار عاد ، وقرى قوم لوط ، وقرية مدين . وليس المراد القرى المذكورة في هذه السورة خاصة . والمقصود من هذه الجملة الأعتبار .