تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{كَدَأۡبِ ءَالِ فِرۡعَوۡنَ وَٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡۚ كَفَرُواْ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ فَأَخَذَهُمُ ٱللَّهُ بِذُنُوبِهِمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ قَوِيّٞ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ} (52)

كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ { من الأمم المكذبة . ْ } كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ { بالعقاب ْ } بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ { لا يعجزه أحد يريد أخذه ْ } مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{كَدَأۡبِ ءَالِ فِرۡعَوۡنَ وَٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡۚ كَفَرُواْ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ فَأَخَذَهُمُ ٱللَّهُ بِذُنُوبِهِمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ قَوِيّٞ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ} (52)

يقول تعالى : فعل هؤلاء المشركون المكذبون{[13089]} بما أرسلت به يا محمد ، كما فعل الأمم المكذبة قبلهم ، ففعلنا بهم ما هو دأبنا ، أي : عادتنا وسنتنا في أمثالهم من المكذبين من آل فرعون ومن قبلهم من الأمم المكذبة بالرسل ، الكافرين بآيات الله . { فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ } [ أي : بسبب ذنوبهم أهلكهم ، فأخذهم أخذ عزيز مقتدر ]{[13090]} { إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ } أي : لا يغلبه غالب ، ولا يفوته هارب .


[13089]:في م: "المشركين المكذبين".
[13090]:زيادة من د، ك، م.
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{كَدَأۡبِ ءَالِ فِرۡعَوۡنَ وَٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡۚ كَفَرُواْ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ فَأَخَذَهُمُ ٱللَّهُ بِذُنُوبِهِمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ قَوِيّٞ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ} (52)

{ كدأب آل فرعون } أي دأب هؤلاء مثل دأب آل فرعون وهو عملهم وطريقهم الذي دأبوا فيه أي داموا عليه . { والذين من قبلهم } من قبل آل فرعون . { كفروا بآيات الله } تفسير لدأبهم . { فأخذهم الله بذنوبهم } كما أخذ هؤلاء . { إن الله قوي شديد العقاب } لا يغلبه في دفعه شيء .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{كَدَأۡبِ ءَالِ فِرۡعَوۡنَ وَٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡۚ كَفَرُواْ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ فَأَخَذَهُمُ ٱللَّهُ بِذُنُوبِهِمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ قَوِيّٞ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ} (52)

وقوله { كدأب آل فرعون } الآية ، الدأب : العادة في كلام العرب ، ومنه قول امرىء القيس : [ الطويل ]

كدأبك من أم الحويرث قبلها*** وجارتها أم الرباب بمأسل{[5413]}

ويروى كدينك ، ومنه قول خراش بن زهير العامري :

فما زال ذاك الدأب حتى تخاذلت*** هوازن وارفضَّت سليم وعامر

وهو مأخوذ من دأب على العمل إذا لزمه ، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم ، لصاحب الجميل الذي هش إليه وأقبل نحوه وقد ذل ودمعت عيناه : «إنه شكا إليّ أنك تجيعه وتدئبه{[5414]} » فكأن العادة ُدؤوب ما .

وقال جابر بن زيد وعامر الشعبي ومجاهد وعطاء : المعنى كسنن آل فرعون ، ويحتمل أن يراد كعادة آل فرعون وغيرهم ، فتكون عادة الأمم بجملتها لا على انفراد أمة ، إذ آل فرعون لم يكفروا وأهلكوا مراراً بل لكل أمة مرة واحدة ، ويحتمل أن يكون المراد كعادة الله فيهم ، فأضاف العادة إليهم إذ لهم نسبة إليها يضاف المصدر إلى الفاعل وإلى المفعول ، والكاف من قوله { كدأب } يجوز أن يتعلق بقوله { وذوقوا } وفيه بعد ، والكاف على هذا في موضع نصب نعت لمصدر محذوف ، ويجوز أن تتعلق بقوله { قدمت أيديكم } وموضعها أيضاً على هذا نصب كما تقدم ، ويجوز أن يكون معنى الكلام الأمر مثل دأب آل فرعون فتكون الكاف في موضع خبر الابتداء ، وقوله { فأخذهم } معناه أهلكهم وأتى عليهم بقرينة قوله { بذنوبهم } ثم ابتدأ الإخبار بقوة الله تعالى وشدة عقابه .


[5413]:- البيت من معلقة امرئ القيس، والدأب: العادة، ومأسل: موضع ماء، وأم الحُويرث وأم الرباب: اسما امرأتين، والخطاب في قوله "كدأبك" لنفسه، فهو يلومها على شغفه وهيامه بالنساء مما يسبب له العذاب والدموع، فبعد حبّه لأم الحويرث ولأم الرباب لم يتعظ، ولم يرعو ويرجع عن الحب، بل دأب عليه معانيا ما فيه من لوعة وشقاء.
[5414]:- الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده، والدارمي في سننه، ولفظه كما في مسند الإمام أحمد عن عبد الله بن جعفر، قال: (أردفني رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم خلفه، فأسرّ إليّ حديثا لا أخبر به أحدا أبدا، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحبّ ما استتر به في حاجته هدف أو حائش نخل، فدخل يوما حائطا من حيطان الأنصار، فإذا جمل قد أتاه فجرجر وذرفت عيناه، فمسح رسول الله صلى الله عليه وسلم سراته وذفراه فسكن، = فقال: من صاحب الجمل؟ فجاء فتى من الأنصار فقال: هو لي يا رسول الله، فقال: أما تتقي الله في هذه البهيمة التي ملّككها الله؟ إنه شكا إلي أنك تجيعه وتدئبه) (المسند 1/204).