وذكر تعالى عنه ، أنه عاقبه عقوبة دنيوية ، أنجاه منها بسبب إيمانه وأعماله الصالحة ، فقال : { إِذْ أَبَقَ }
أي : من ربه مغاضبا له ، ظانا أنه لا يقدر عليه ، ويحبسه في بطن الحوت ، ولم يذكر اللّه ما غاضب عليه ، ولا ذنبه الذي ارتكبه ، لعدم فائدتنا بذكره ، وإنما فائدتنا بما ذُكِّرنا عنه أنه أذنب ، وعاقبه اللّه مع كونه من الرسل الكرام ، وأنه نجاه بعد ذلك ، وأزال عنه الملام ، وقيض له ما هو سبب صلاحه .
فلما أبق لجأ { إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ } بالركاب والأمتعة ، فلما ركب مع غيره ، والفلك شاحن ، ثقلت السفينة ، فاحتاجوا إلى إلقاء بعض الركبان ، وكأنهم لم يجدوا لأحد مزية في ذلك ، فاقترعوا على أن من قرع وغلب ، ألقي في البحر عدلا من أهل السفينة ، وإذا أراد اللّه أمرا هيأ أسبابه .
يقول تعالى ذكره : وإن يونس لمرسلٌ من المرسلين إلى أقوامهم إذْ أَبَقَ إلى الفُلْكِ المَشْحُونِ يقول : حين فرّ إلى الفُلك ، وهو السفينة ، المشحون : وهو المملوء من الحمولة المُوقَر ، كما :
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة إلى الفُلْكِ المَشْحُون كنّا نحدّث أنه الموقر من الفُلك .
حدثنا محمد ، قال : حدثنا أحمد ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ ، في قوله : الفُلكِ المَشْحُونِ قال : الموقر .
و{ أبَقَ } مصْدره إِباق بكسر الهمزة وتخفيف الباء وهو فرار العبد مِن مالكه . وفعله كضرب وسمع . والمراد هنا : أن يونس هرب من البلد الذي أوحي إليه فيه قاصداً بلداً آخر تخلصاً من إبلاغ رسالة الله إلى أهل ( نِينْوَى ) ولعله خاف بأسَهم واتّهم صبرَ نفسه على أذاهم المتوَّقعَ لأنهم كانوا من بني إسرائيل في حماية الأشوريين . ففِعل { أبَق } هنا استعارة تمثيلية ، شبّهت حالة خروجه من البلد الذي كلّفه ربه فيه بالرسالة تباعداً من كلفة ربه بإباق العبد من سيده الذي كلّفه عملاً .
و { الفُلك المشحون } : المملوء بالراكبين ، وتقدم معناه في قصة نوح .
وساهم : قَارع . وأصله مشتق من اسم السَّهم لأنهم كانوا يقترعون بالسهام وهي أعواد النبال وتُسمّى الأزلام .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.