وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الله بن الحارث قال : لما خرج يونس عليه السلام مغاضباً أتى السفينة ، فركبها فامتنعت أن تجري فقال أصحاب السفينة : ما هذا إلا لحدث أحدثتموه ! فقال بعضهم لبعض : تعالوا حتى نقترع ، فمن وقعت عليه القرعة فالقوه في الماء ، فاقترعوا ، فوقعت القرعة على يونس عليه السلام ، ثم عادوا فوقعت القرعة عليه في الثالثة ، فلما رأى يونس ذلك قال : هو أنا ، فخرج فطرح نفسه في الماء ، فإذا حوت قد رفع رأسه من الماء قدر ثلاثة أذرع ، فذهب ليطرح نفسه ، فاستقبله الحوت ، فإذا هوى إليه ليأخذه ، فتحول إلى الجانب الآخر ، فإذا الحوت قد استقبله ، فلما رأى يونس عليه السلام ذلك عرف أنه أمر من الله ، فطرح نفسه ، فأخذه الحوت قبل أن يمر على الماء ، فأوحى الله إلى الحوت أن لا تهضم له عظماً ، ولا تأكل له لحماً حتى آمر بأمري [ ]بكذا وكذا وكذا . . .
. . حتى ألزقه بالطين ، فسمع تسبيح الأرض ، فذلك حين نادى .
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لما ألقى يونس عليه سلام نفسه في البحر التقمه الحوت ، هوى به حتى انتهى إلى مفجر من الأرض أو كلمة تشبهها ، فسمع تسبيح الأرض { فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين } [ الأنبياء : 87 ] فأقبلت الدعوة تحوم العرش ، فقالت الملائكة : يا ربنا إنا نسمع صوتاً ضعيفاً من بلاد غربة قال : وتدرون ما ذاكم ؟ قالوا : لا يا ربنا قال : ذاك عبدي يونس قالوا : الذي كنا لا نزال نرفع له عملاً متقبلاً ، ودعوة مجابة ، قال : نعم . قالوا : يا ربنا ألا ترحم ما كان يصنع في الرخاء ، وتنجيه عند البلاء . قال : بلى فأمر الحوت فحفظه » .
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن لفظه حين لفظه في أصل يقطينة وهي الدباء ، فلفظه وهو كهيئة الصبي ، وكان يستظل بظلها ، وهيأ الله له أرواة من الوحش ، فكانت تروح عليه بكرة وعشية ، فتفشخ رجليها ، فيشرب من لبنها حتى نبت لحمه .
وأخرج ابن إسحق والبزار وابن جرير عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لما أراد الله حبس يونس عليه السلام في بطن الحوت ، أوحى الله إلى الحوت أن خذه ، ولا تخدش له لحماً ، ولا تكسر له عظماً ، فأخذه ثم أهوى به إلى مسكنه في البحر ، فلما انتهى به إلى أسفل البحر ، سمع يونس حساً فقال في نفسه : ما هذا . . . ! فأوحى الله إليه وهو في بطن الحوت : إن هذا تسبيح دواب الأرض ، فسبح وهو في بطن الحوت ، فقالوا : ربنا إنا نسمع صوتاً ضعيفاً بأرض غربة قال : ذاك عبدي يونس ، عصاني فحبسته في بطن الحوت في البحر قالوا : العبد الصالح الذي كان يصعد إليك منه في كل يوم عمل صالح ؟ قال : نعم . فشفعوا له عند ذلك ، فأمره ، فقذفه في الساحل كما قال الله { وهو سقيم } » .
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف وأحمد في الزهد وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : إن يونس عليه السلام كان وعد قومه العذاب ، وأخبرهم أنه يأتيهم إلى ثلاثة أيام ، ففرقوا بين كل والدة وولدها ، ثم خرجوا ، فجأروا إلى الله ، واستغفروه ، فكف الله عنهم العذاب ، وغدا يونس عليه السلام ينتظر العذاب ، فلم ير شيئاً ، وكان من كذب ولم يكن له بينة قتل . فانطلق مغاضباً ، حتى أتى قوماً في سفينة ، فحملوه وعرفوه ، فلما دخل السفينة ركدت ، والسفن تسير يميناً وشمالاً فقال : ما بال سفينتكم ؟ ! قالوا : ما ندري ! قال : ولكني أدري أن فيها عبداً أبق من ربه ، وأنها والله لا تسير حتى تلقوه ، قالوا : أما أنت والله يا نبي الله فلا نلقيك . فقال لهم يونس عليه السلام : اقترعوا فمن قرع . فليقع ، فاقترعوا فقرعهم يونس عليه السلام ثلاث مرات ، فوقع وقد وكل به الحوت ، فلما وقع ابتلعه ، فأهوى به إلى قرار الأرض ، فسمع يونس عليه السلام تسبيح الحصى { فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين } [ الأنبياء : 87 ] قال : ظلمة بطن الحوت ، وظلمة البحر ، وظلمة الليل ، قال { فنبذ بالعراء وهو سقيم } قال كهيئة الفرخ الممعوط الذي ليس عليه ريش ، وأنبت الله عليه شجرة من يقطين ، فكان يستظل بها ويصيب منها ، فيبست فبكى عليها حين يبست ، فأوحى الله إليه : أتبكي على شجرة أن يبست ، ولا تبكي على مائة ألف أو يزيدون أردت أن تهلكهم ؟ فخرج فإذا هو بغلام يرعى غنماً فقال : ممن أنت يا غلام ؟ قال : من قوم يونس قال : فإذا رجعت إليهم ، فأقرئهم السلام وأخبرهم إنك لقيت يونس ، فقال له الغلام : إن تكن يونس فقد تعلم أنه من كذب ولم يكن له بينة قتل ، فمن يشهد لي قال : تشهد لك هذه الشجرة ، وهذه البقعة . فقال الغلام ليونس : مرهما فقال لهما يونس عليه السلام : إذا جاء كما هذا الغلام فاشهدا له . قالتا : نعم . فرجع الغلام إلى قومه ، وكان له إخوة ، فكان في منعة ، فأتى الملك فقال : إني لقيت يونس وهو يقرأ عليكم السلام ، فأمر به الملك أن يقتل فقال : إن له بينة ، فأرسل معه ، فانتهوا إلى الشجرة والبقعة فقال لهما الغلام : نشدتكما بالله هل أشهدكما يونس ؟ قالتا : نعم . فرجع القوم مذعورين يقولون : تشهد لك الشجرة والأرض ! فأتوا الملك ، فحدثوه بما رأوا ، فتناول الملك يد الغلام ، فأجلسه في مجلسه ، وقال : أنت أحق بهذا المكان مني ، وأقام لهم أمرهم ذلك الغلام أربعين سنة .
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن وهب بن منبه رضي الله عنه قال : إن يونس بن متى كان عبداً صالحاً ، وكان في خلقه ضيق ، فلما حملت عليه أثقال النبوّة .
ولها أثقال لا يحملها إلا قليل . تفسخ تحتها تفسخ الربع تحت الحمل ، فقذفها من يده ، وخرج هارباً منها . يقول الله لنبيه { فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل ولا تكن كصاحب الحوت } [ الأحقاف : 35 ] .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.