تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{إِذۡ أَبَقَ إِلَى ٱلۡفُلۡكِ ٱلۡمَشۡحُونِ} (140)

الآيتان 139 -140 وقوله تعالى : { وإن يونس لمن المرسلين } { إذ أَبَقَ إلى الفلك المشحون } ذكر ههنا الأباق وفي سورة الأنبياء الذهاب ، وهو قوله : { وذا النون إذ ذهب مغاضبا } [ الأنبياء : 87 ] فمن الناس من يجعل هذا غير الأول ، يعني [ الأباق غير الذهاب ]{[17913]} .

لكن جائز أن يكون ذكر الأباق ، وذكر الذهاب ، وإن كان في رأي العين في ظاهر اللفظ مختلفا . فهما في المعنى واحد ، فيكون قوله تعالى : { إذ أبق } من قومه بدينه ليسلم له ، أو أبق لخوف على نفسه من قومه ، أو أبق على ما أوعد قومه من نزول العذاب بهم إذا لم يؤمنوا به . وكان الرسل ، صلوات الله عليهم ، يخرجون من بين أظهر قومهم إذا خافوا نزول العذاب بهم إلا يونس خرج من بينهم قبل أن يأتيه الإذن من الله عز وجل بالخروج من بينهم .

لذلك صار وقت ، جاء العتاب له والتعبير ، لما يقوله عامة أهل التأويل من الخرافات التي يذكرون ، وينسبون إليه ما لا يجوز نسبة ذلك إلى أجهل الناس بربه وأخسّهم فضلا [ من ]{[17914]} أن تجوز نسبة ذلك إلى نبي من أنبيائه ورسول من رسله .


[17913]:من نسخة الحرم المكي، في الأصل وم: أباقة الذي ذكروا ذهابه.
[17914]:ساقطة من الأصل وم.