تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَمِن دُونِهِمَا جَنَّتَانِ} (62)

{ وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ } من فضة بنيانهما وآنيتهما وحليتهما وما فيهما لأصحاب اليمين .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَمِن دُونِهِمَا جَنَّتَانِ} (62)

هاتان الجنتان دون اللتين قبلهما في المرتبة والفضيلة والمنزلة بنص القرآن ، قال الله تعالى : { وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ } .

وقد تقدم في الحديث : " جنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما ، وجنتان من فضة آنيتهما وما فيهما ، فالأوليان{[27941]} للمقربين ، والأخريان{[27942]} لأصحاب اليمين " .

وقال أبو موسى : جنتان من ذهب للمقربين ، وجنتان من فضة لأصحاب اليمين .

وقال ابن عباس : { وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ } من دونهما في الدرج . وقال ابن زيد : من دونهما في الفضل .

والدليل على شرف الأوليين على الأخريين وجوه : أحدها : أنه نعت الأولين قبل هاتين ، والتقديم يدل على الاعتناء ثم قال : { وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ } . وهذا ظاهر في شرف التقدم {[27943]} وعلوه على الثاني .

وقال هناك : { ذَوَاتَا أَفْنَانٍ } : وهي الأغصان أو الفنون في الملاذ ، وقال هاهنا : { مُدْهَامَّتَان }


[27941]:- (1) في م: "فالأولتان".
[27942]:- (2) في م: "والأخيرتان".
[27943]:- (1) في أ: "التقديم".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَمِن دُونِهِمَا جَنَّتَانِ} (62)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَمِن دُونِهِمَا جَنّتَانِ * فَبِأَيّ آلآءِ رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ * مُدْهَآمّتَانِ * فَبِأَيّ آلآءِ رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ * فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضّاخَتَانِ * فَبِأَيّ آلآءِ رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ } .

يقول تعالى ذكره : ومن دون هاتين الجنتين اللتين وصف الله جلّ ثناؤه صفتهما التي ذكر أنهما لمن خاف مقام ربه جنتان . ثم اختلف أهل التأويل في معنى قوله : وَمِنْ دُونِهِما في هذا الموضع ، فقال بعضهم : معنى ذلك : ومن دونهما في الدّرَج . ذكر من قال ذلك :

حدثنا محمد بن منصور الطوسيّ ، قال : حدثنا إسحاق بن سليمان ، قال : حدثنا عمرو بن أبي قيس ، عن ابن أبي ليلى ، عن المنهال بن عمرو ، عن سعيد بن جُبَير ، عن ابن عباس ، في قوله : وكانَ عَرْشُهُ على المَاءِ قال : كان عرش الله على الماء ، ثم اتخذ لنفسه جنة ، ثم اتخذ دونها جنة أخرى ، ثم أطبقهما بلؤلؤة واحدة قال : وَمِنْ دُونِهِما جَنّتانِ وهي التي لا تعلم ، أو قال : وهما التي لا تعلم نفس ما أخفى لهم من قرّة أعين جزاء بما كانوا يعملون . قال : وهي التي لا تعلم الخلائق ما فيهما ، أو ما فيها ، يأتيهم كلّ يوم منها أو منهما تحفة .

حدثنا ابن حُمَيد ، قال : حدثنا يعقوب ، عن عنبسة ، عن سالم الأفطس ، عن سعيد بن جُبَير بنحوه .

وقال آخرون : بل معنى ذلك : ومن دونهما في الفضل . ذكر من قال ذلك :

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : وَمِنْ دُونِهِما جَنّتانِ هما أدنى من هاتين لأصحاب اليمين .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَمِن دُونِهِمَا جَنَّتَانِ} (62)

عطف على قوله : { جنتان } [ الرحمن : 46 ] ، أي ومن دون تينك الجنتين جنتان ، أي لمن خاف مقام ربه .

ومعنى { من دونهما } يحتمل أن ( دون ) بمعنى ( غير ) ، أي ولمن خاف مقام ربه جنتان وجنتان أخريان غيرهما ، كقوله تعالى : { للذين أحسنوا الحسنى وزيادة } [ يونس : 26 ] . ووُصف ما في هاتين الجنتين بما يقارب ما وصف به ما في الجنتين الأوليين وصفاً سُلك فيه مسلك الإِطناب أيضاً لبيان حسنهما ترغيباً في السعي لنيلهما بتقوى الله تعالى فذلك موجب تكرير بعض الأوصاف أو ما يقرب من التكرير بالمترادفات .

ويكون لكل الجنات الأربع حُور مقصورات لا ينتقلن من قصورهن ، ويجوز أن تكون ( دون ) بمعنى أقل ، أي لنزول المرتبة ، أي ولمن خاف مقام ربه جنتان أقلّ من الأولين فيقتضي ذلك أن هاتين الجنتين لطائفة أخرى ممن خافوا مقام ربهم هم أقل من الأولين في درجة مخافة الله تعالى .

ولعل هاتين الجنتين لأصحاب اليمين الذين ورد ذكرهم في سورة الواقعة والجنتين المذكورتين قبلهما في قوله : { جنتان . . . ذواتا أفنان } [ الرحمن : 46 ، 48 ] إلى آخر الوصف جنتا السابقين الوارد ذكرهم قوله في سورة الواقعة ( 10 ) { والسابقون السابقون } الآيات .