مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{وَمِن دُونِهِمَا جَنَّتَانِ} (62)

ثم قال تعالى : { ومن دونهما جنتان ، فبأي آلاء ربكما تكذبان ، مدهامتان ، فبأي آلاء ربكما تكذبان } لما ذكر الجزاء ذكر بعده مثله وهو جنتان أخريان ، وهذا كقوله تعالى : { للذين أحسنوا الحسنى وزيادة } وفي قوله تعالى : { دونهما } وجهان ( أحدهما ) دونهما في الشرف ، وهو ما اختاره صاحب الكشاف وقال قوله : { مدهامتان } مع قوله في الأوليين : { ذواتا أفنان } وقوله في هذه : { عينان نضاختان } مع قوله في الأوليين : { عينان تجريان } لأن النضخ دون الجري ، وقوله في الأولين : { من كل فاكهة زوجان } مع قوله في هاتين : { فاكهة ونخل ورمان } وقوله في الأوليين : { فرش بطائنها من إستبرق } حيث ترك ذكر الظهائر لعلوها ورفعتها وعدم إدراك العقول إياها مع قوله في هاتين : { رفرف خضر } دليل عليه ، ولقائل أن يقول : هذا ضعيف لأن عطايا الله في الآخرة متتابعة لا يعطي شيئا بعد شيء إلا ويظن الظان أنه ذلك أو خير منه . ويمكن أن يجاب عنه تقريرا لما اختاره الزمخشري أن الجنتين اللتين دون الأولين لذريتهم اللذين ألحقهم الله بهم ولأتباعهم ، ولكنه إنما جعلهما لهم إنعاما عليهم ، أي هاتان الأخريان لكم أسكنوا فيهما من تريدون ( الثاني ) أن المراد دونهما في المكان كأنهم في جنتين ويطلعوا من فوق على جنتين أخريين دونهما ، ويدل عليه قوله تعالى { لهم غرف من فوقها غرف } الآية . والغرف العالية عندها أفنان ، والغرف التي دونها أرضها مخضرة ، وعلى هذا ففي الآيات لطائف :

الأولى : قال في الأوليين : { ذواتا أفنان } .