تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{ثُمَّ لَقَطَعۡنَا مِنۡهُ ٱلۡوَتِينَ} (46)

{ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ } وهو عرق متصل بالقلب إذا انقطع مات {[1222]} منه الإنسان ، فلو قدر أن الرسول -حاشا وكلا- تقول على الله لعاجله بالعقوبة ، وأخذه أخذ عزيز مقتدر ، لأنه حكيم ، على كل شيء قدير ، فحكمته تقتضي أن لا يمهل الكاذب عليه ، الذي يزعم أن الله أباح له دماء من خالفه وأموالهم ، وأنه هو وأتباعه لهم النجاة ، ومن خالفه فله الهلاك .

فإذا كان الله قد أيد رسوله بالمعجزات ، وبرهن على صدق ما جاء به بالآيات البينات ، ونصره على أعدائه ، ومكنه من نواصيهم ، فهو أكبر شهادة منه على رسالته .


[1222]:- في ب: هلك.
 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{ثُمَّ لَقَطَعۡنَا مِنۡهُ ٱلۡوَتِينَ} (46)

{ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ } قال ابن عباس : وهو نياط القلب ، وهو العِرْقُ الذي القلب معلق فيه . وكذا قال عكرمة ، وسعيد بن جبير ، والحكم ، وقتادة ، والضحاك ، ومسلم البَطِين ، وأبو صخر حُميد بن زياد .

وقال محمد بن كعب : هو القلب ومَرَاقَّه وما يليه .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{ثُمَّ لَقَطَعۡنَا مِنۡهُ ٱلۡوَتِينَ} (46)

يقول تعالى ذكره : ولكنه تَنْزِيلٌ من ربّ العالَمِينَ نزل عليه وَلَوْ تَقَوّلَ عَلَيْنا محمد بَعْضَ الأقاوِيلِ الباطلة ، وتكذب علينا لأَخَذْنا مِنْهُ باليَمِين يقول : لأخذنا منه بالقوّة منا والقدرة ، ثم لقطعنا منه نياط القلب . وإنما يعني بذلك أنه كان يعاجله بالعقوبة ، ولا يؤخره بها .

وقد قيل : إن معنى قوله لاَءَخَذْنَا مِنْهُ باليَمِينِ : لأخذنا منه باليد اليمنى من يديه قالوا : وإنما ذلك مثل ، ومعناه : إنا كنا نذله ونهينه ، ثم نقطع منه بعد ذلك الوتين قالوا : وإنما ذلك كقول ذي السلطان إذا أراد الاستخفاف ببعض من بين يديه لبعض أعوانه ، خذ بيده فأقمه ، وافعل به كذا وكذا قالوا : وكذلك معنى قوله : لأَخَذْنا مِنْهُ باليَمِين : أي لأهناه كالذي يفعل بالذي وصفنا حاله . وبنحو الذي قلنا في معني قوله الوَتِينَ قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني سليمان بن عبد الجبار ، قال : حدثنا محمد بن الصلت ، قال : حدثنا أبو كدينة ، عن عطاء ، عن سعيد بن جُبير ، عن ابن عباس : لَقَطَعْنا مِنْهُ الوَتِينَ قال : نياط القلب .

حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن عطاء ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس بمثله .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا حكام ، عن عمرو ، عن عطاء ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس بمثله .

حدثني يعقوب ، قال : حدثنا هشيم ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ، قال : قال ابن عباس الوَتِينَ : نِياط القلب .

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير بنحوه .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، قال : حدثنا سفيان ، عن سعيد بن جبير بمثله .

حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله ثُمّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الوَتِينَ يقول : عرق القلب .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله ثُمّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الوَتِينَ يعني : عرقا في القلب ، ويقال : هو حبل في القلب .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : الوَتِينَ قال : حبل القلب الذي في الظهر .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : ثُمّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الوَتِينَ قال : حبل القلب .

حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : لَقَطَعْنا مِنْهُ الوَتِينَ وتين القلب : وهو عرق يكون في القلب ، فإذا قطع مات الإنسان .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله ثُمّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الوَتِينَ قال : الوتين : نياط القلب الذي القلب متعلق به ، وإياه عنى الشماخ بن ضرار التغلبي بقوله :

إذَا بَلّغْتِني وحَمَلْتِ رَحْلِىعَرَابَةَ فاشْرَقي بدَمِ الوَتِينِ

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{ثُمَّ لَقَطَعۡنَا مِنۡهُ ٱلۡوَتِينَ} (46)

و { الوتين } : نياط القلب ، قاله ابن عباس وهو عرق غليظ تصادفه شفرة الناحر ، ومنه قول الشماخ : [ الوافر ]

إذا بلغتني وحملت رحلي*** عرادة فاشرقي بدم الوتين{[11303]}

فمعنى الآية لأذهبنا حياته معجلاً .


[11303]:كان الشماخ قد خرج يريد المدينة، فصحب عرابة بن أوس الأنصاري، فسأله عرابة عما يريد بالمدينة، فقال: أردت أن أمتار لأهلي، وكان مع عرابة بعيران، فأنزل الشماخ وأكرمه، وأوقر له بعيريه تمرا وبرا، فقال فيه أبياتا منها هذا البيت، والخطاب للناقة، والرحل: ما يوضع على ظهر البعير للركوب، وكل ما يعد للرحيل، وعرابة هذا صحابي جليل، والوتين: هو العرق الذي وصفه ابن عطية، وشرق يشرق بمعنى: غص، يقول لناقته: إذا أنت أوصلتني إلى عرابة فقد حققت كل آمالي، ولا حاجة بي إليك، ولا يهمني أن أريق دمك.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{ثُمَّ لَقَطَعۡنَا مِنۡهُ ٱلۡوَتِينَ} (46)

و { الوتين } : عِرق معلَّق به القلب ويسمى النياط ، وهو الذي يسقي الجسد بالدم ولذلك يقال له : نَهرُ الجسد ، وهو إذا قطع مات صاحبه وهو يقطع عند نحر الجزور .

فقطع الوتين من أحوَال الجزور ونحرها ، فشبه عقاب من يُفرض تَقوُّله على الله بجزور تنحر فيقطع وتينها .

ولم أقف على أن العرب كانوا يكنّون عن الإِهلاك بقطع الوتين ، فهذا من مبتكرات القرآن .

و { منه } صفة للوتين ، أو متعلق ب ( قطعنا ) ، أي أزلناه منه .

وبينَ { منه } الأولى و { منه } الثانية محسِّن الجناس .