تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{لِّلۡكَٰفِرِينَ لَيۡسَ لَهُۥ دَافِعٞ} (2)

{ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ مِنَ اللَّهِ } أي : ليس لهذا العذاب الذي استعجل به من استعجل ، من متمردي المشركين ، أحد يدفعه قبل نزوله ، أو يرفعه بعد نزوله ، وهذا حين دعا النضر بن الحارث القرشي أو غيره من المشركين{[1223]}  فقال : { اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم } إلى آخر الآيات .


[1223]:- في ب: المكذبين.
 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{لِّلۡكَٰفِرِينَ لَيۡسَ لَهُۥ دَافِعٞ} (2)

وقوله : { وَاقِعٍ لِلْكَافِرينَ } أي : مُرصد مُعَدّ للكافرين .

وقال ابن عباس : { وَاقِعٍ } جاء { لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ } أي : لا دافع له إذا أراد الله كونه ؛ ولهذا قال { مِنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ }

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{لِّلۡكَٰفِرِينَ لَيۡسَ لَهُۥ دَافِعٞ} (2)

قال أبو جعفر : اختلفت القرّاء في قراءة قوله : سأَلَ سائِلٌ فقرأته عامة قرّاء الكوفة والبصرة : سأَلَ سائِلٌ بهمز سأل سائل ، بمعنى سأل سائل من الكفار عن عذاب الله ، بمن هو واقع وقرأ ذلك بعض قرّاء المدينة : «سال سائِلٌ » فلم يهمز سأل ، ووجهه إلى أنه فعل من السيل .

والذي هو أولى القراءتين بالصواب قراءة من قرأه بالهمز لإجماع الحجة من القرّاء على ذلك ، وأن عامة أهل التأويل من السلف بمعنى الهمز تأوّلوه . ذكر من تأوّل ذلك كذلك ، وقال تأويله نحو قولنا فيه :

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : سألَ سائِلٌ بعَذَابٍ وَاقِعٍ قال : ذاك سؤال الكفار عن عذاب الله وهو واقع .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا حكام ، عن عنبسة ، عن ليث ، عن مجاهد إنْ كانَ هَذَا هُوَ الْحَقّ مِنْ عِنْدِكَ . . . الاَية ، قال سأَلَ سائِلٌ بعَذَابِ وَاقِعٍ .

حدثنا محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جمعا عن ابن أبي نجيح عن مجاهد ، في قول الله : سأَلَ سائِلٌ قال : دعا داع بعذاب وَاقِعٍ : يقع في الاَخرة ، قال : وهو قولهم : اللّهُمّ إنْ كانَ هَذَا هُوَ الْحَقّ مِنْ عِنْدِكَ فَأمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السّماءِ .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : سأَلَ سائِلٌ بعَذَابٍ وَاقِعٍ قال : سأل عذاب الله أقوام ، فبين الله على من يقع على الكافرين .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، قوله : سأَلَ سائِلٌ قال : سأل عن عذاب واقع ، فقال الله : للْكافِرِينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ .

وأما الذين قرأوا ذلك بغير همز ، فإنهم قالوا : السائل واد من أودية جهنم . ذكر من قال ذلك :

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله الله : «سأل سائِلٌ بعَذَابٍ وَاقِعٍ » قال : قال بعض أهل العلم : هو واد في جهنم يقال له سائل .

وقوله : بِعَذَابٍ وَاقِعٍ للْكافِرِينَ يقول : سأل بعذاب للكافرين واجب لهم يوم القيامة واقع بهم .

ومعنى للْكافِرِينَ على الكافرين ، كالذي :

حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : حدثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : بِعَذَابٍ وَاقِعٍ للْكافِرِينَ يقول : واقع على الكافرينواللام في قوله للْكافِرِينَ من صلة الواقع .

وقوله : لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ مِنَ اللّهِ ذِي المَعَارِجٍ يقول تعالى ذكره : ليس للعذاب الواقع على الكافرين من الله دافع يدفعه عنهم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{لِّلۡكَٰفِرِينَ لَيۡسَ لَهُۥ دَافِعٞ} (2)

وقوله تعالى : { للكافرين } . قال بعض النحويين : اللام توصل المعنى توصيل «على »{[11314]} . وروي أنه في مصحف أبي بن كعب : «على الكافرين » ، وقال قتادة والحسن المعنى : كأن قائلاً قال لمن هذا العذاب الواقع ؟ فقيل { للكافرين } .


[11314]:يعني أن اللام بمعنى "على".
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{لِّلۡكَٰفِرِينَ لَيۡسَ لَهُۥ دَافِعٞ} (2)

وقوله : { للكافرين } يجوز أن يكون ظرفاً لغواً متعلقاً ب { واقع ، } ويجوز أن يكون ظرفاً مستقراً خبراً لمبتدأ محذوف ، والتقدير : هو للكافرين .

واللام لشبه الملك ، أي عذاب من خصائصهم كما قال تعالى : { فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين } [ البقرة : 24 ] .

ووصف العذاب بأنه واقع ، وما بعده من أوصافه إلى قوله : { إنهم يرونه بعيداً } [ المعارج : 6 ] إدماج معترض ليفيد تعجيل الإِجابة عما سأل عنه سائل بكلا معنيي السؤال لأن السؤال لم يحك فيه عذاب معين وإنما كان مُجْملاً لأن السائل سأل عن عذاب غير موصوف ، أو الداعي دعا بعذاب غير موصوف ، فحكي السؤال مجملاً ليرتب عليه وصفه بهذه الأوصاف والتعلقات ، فينتقل إلى ذكر أحوال هذا العذاب وما يحفّ به من الأهوال .

وقد طويت في مطاوي هذه التعلقات جمل كثيرة كان الكلام بذلك إيجازاً إذ حصل خلالها ما يفهم منه جواب السائل ، واستجابة الداعي ، والإِنباء بأنه عذاب واقع عليهم من الله لا يدفعه عنهم دافع ، ولا يغرهم تأخره .

وهذه الأوصاف من قبيل الأسلوب الحكيم لأن ما عدد فيه من أوصاف العذاب وهَوْلِه ووقته هو الأولى لهم أن يعلموه ليحذروه ، دون أن يخوضوا في تعيين وقته ، فحصل من هذا كله معنى : أنهم سألوا عن العذاب الذي هُددوا به عن وقته ووصفه سؤال استهزاء ، ودعوا الله أن يرسل عليهم عذاباً إن كان القرآن حقاً ، إظهاراً لقلة اكتراثهم بالإِنذار بالعذاب .

فأعلمهم أن العذاب الذي استهزأوا به واقع لا يدفعه عنهم تأخر وقته ، فإن أرادوا النجاة فليحذروه .