تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{تَجۡرِي بِأَعۡيُنِنَا جَزَآءٗ لِّمَن كَانَ كُفِرَ} (14)

{ تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا } أي : تجري بنوح ومن آمن معه ، ومن حمله من أصناف المخلوقات برعاية من الله ، وحفظ [ منه ] لها عن الغرق [ ونظر ] ، وكلائه منه تعالى ، وهو نعم الحافظ الوكيل ، { جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ } أي : فعلنا بنوح ما فعلنا من النجاة من الغرق العام ، جزاء له حيث كذبه قومه وكفروا به فصبر على دعوتهم ، واستمر على أمر الله ، فلم يرده عنه راد ، ولا صده عنه{[930]}  صاد ، كما قال [ تعالى ] عنه في الآية الأخرى : { قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ } الآية .

ويحتمل أن المراد : أنا أهلكنا قوم نوح ، وفعلنا بهم ما فعلنا من العذاب والخزي ، جزاء لهم على كفرهم وعنادهم ، وهذا متوجه على قراءة من قرأها بفتح الكاف


[930]:- في ب: ولا صده عن ذلك صاد.
 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{تَجۡرِي بِأَعۡيُنِنَا جَزَآءٗ لِّمَن كَانَ كُفِرَ} (14)

وقوله : { تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا } أي : بأمرنا بمرأى منا وتحت حفظنا وكلاءتنا { جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ } أي جزاء لهم على كفرهم بالله وانتصارًا لنوح ، عليه السلام .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{تَجۡرِي بِأَعۡيُنِنَا جَزَآءٗ لِّمَن كَانَ كُفِرَ} (14)

وقوله : تَجْرِي بأعْيُنِنا يقول جلّ ثناؤه : تجري السفينة التي حملنا نوحا فيها بمرأى منا ومنظر . وذُكر عن سفيان في تأويل ذلك ما :

حدثنا ابن حُميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، في قوله : تَجْرِي بأعْيُنِنا يقول : بأمرنا جَزاءً لِمنْ كَان كُفِر .

اختلف أهل التأويل في تأويله : فقال بعضهم : تأويله فعلنا ذلك ثوابا لمن كان كُفر فيه ، بمعنى : كفر بالله فيه . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : ثا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد جَزاءً لِمَنْ كانَ كُفِرَ قال : كَفَر بالله .

وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد جَزَاءً لِمَنْ كانَ كُفِرَ قال : لمن كان كفر فيه .

ووجه آخرون معنى «مَنْ » إلى معنى «ما » في هذا الموضع ، وقالوا : معنى الكلام : جزاء لما كان كَفَر من أيادي الله ونَعمه عند الذين أهلكهم وغرّقهم من قوم نوح . ذكر من قال ذلك :

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : جَزَاءً لِمَنْ كانَ كُفِرَ قال : لمن كان كفر نعم الله ، وكفر بأياديه وآلائه ورسله وكتبه ، فإن ذلك جزاء له .

والصواب من القول من ذلك عندي ما قاله مجاهد ، وهو أن معناه : ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر ، وفجّرنا الأرض عيونا ، فغرّقنا قوم نوح ، ونجينا نوحا عقابا من الله وثوابا للذي جُحِد وكُفِر ، لأن معنى الكفر : الجحود ، والذي جحد ألوهته ووحدانتيه قوم نوح ، فقال بعضهم لبعض : لا تَذرُنّ آلهَتَكُمْ وَلا تَذَرُونّ وَدّا ولا سُواعا ولاَ يَغُوثَ وَيَعُوقَ ونَسْرا ، ومن ذهب به إلى هذا التأويل ، كانت من الله ، كأنه قيل : عوقبوا لله ولكفرهم به . ولو وَجّه مَوَجّه إلى أنها مراد بها نوح والمؤمنون به كان مذهبا ، فيكون معنى الكلام حينئذٍ ، فعلنا ذلك جزاء لنوح ولمن كان معه في الفلك ، كأنه قيل : غرقناهم لنوح ولصنيعهم بنوح ما صنعوا من كفرهم به .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{تَجۡرِي بِأَعۡيُنِنَا جَزَآءٗ لِّمَن كَانَ كُفِرَ} (14)

{ تجري بأعيننا } بمرأى منا أي محفوظة بحفظنا . { جزاء لمن كان كفر } أي فعلنا ذلك جزاء لنوح لأنه نعمة كفروها ، فإن كل نبي نعمة من الله تعالى ورحمة على أمته ، ويجوز أن يكون على حذف الجار وإيصال الفعل إلى الضمير ، وقرئ " لمن كفر " أي للكافرين .