البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{تَجۡرِي بِأَعۡيُنِنَا جَزَآءٗ لِّمَن كَانَ كُفِرَ} (14)

وقال مقاتل بن سليمان : { بأعيننا } : بوحينا .

وقيل : بأمرنا .

وقيل : بأوليائنا .

يقال : فلان عين من عيون الله تعالى : أي ولي من أوليائه .

وقيل : بأعين الماء التي أنبعناها .

وقيل : من حفظها من الملائكة سماهم أعيناً .

وقرأ زيد بن علي وأبو السمال : بأعينا بالإدغام ؛ والجمهور : بالفك .

{ جزاء } : أي مجازاة ، { لمن كان كفر } : أي لنوح عليه السلام ، إذ كان نعمة أهداها الله إلى قومه لأن يؤمنوا فكفروها ، المعنى : أنه حمله في السفينة ومن آمن معه كان جزاء له على صبره على قومه المئين من السنين ، ومن كناية عن نوح .

قيل : يعني بمن كفر لمن جحدت نبوته .

وقال ابن عباس ومجاهد : من يراد به الله تعالى ، كأنه قال : غضباً وانتصاراً لله تعالى ، أي انتصر لنفسه ، فأغرق الكافرين ، وأنجى المؤمنين ، وهذان التأويلان في من على قراءة الجمهور .

كفر : مبنياً للمفعول .

وقرأ مسلمة بن محارب : بإسكان الفاء خفف فعل ، كما قال الشاعر :

لو عصر منه البان والمسك انعصر . . .

يريد : لو عصر .

وقرأ زيد بن رومان وقتادة وعيسى : كفر مبنياً للفاعل ، فمن يراد به قوم نوح : أي إن ما نشأ من تفتيح أبواب السماء بالماء ، وتفجر عيون الأرض ، والتقاء الماءين من غرق قوم نوح عليه الصلاة والسلام ، كان جزاء لهم على كفرهم .

وكفر : خبر لكان ، وفي ذلك دليل على وقوع الماضي بغير قد خبراً لكان ، وهو مذهب البصريين وغيرهم .

يقول : لا بد من قد ظاهرة أو مقدرة ، على أنه يجوز إن كان هنا زائدة ، أي لمن كفر .