تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَقَالُواْ لَوۡلَآ أُنزِلَ عَلَيۡهِ مَلَكٞۖ وَلَوۡ أَنزَلۡنَا مَلَكٗا لَّقُضِيَ ٱلۡأَمۡرُ ثُمَّ لَا يُنظَرُونَ} (8)

{ وَقَالُوا } أيضا تعنتا مبنيا على الجهل ، وعدم العلم بالمعقول . { لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ } أي : هلا أنزل مع محمد ملك ، يعاونه ويساعده على ما هو عليه بزعمهم أنه بشر ، وأن رسالة الله ، لا تكون إلا على أيدي الملائكة .

قال الله في بيان رحمته ولطفه بعباده ، حيث أرسل إليهم بشرا منهم يكون الإيمان بما جاء به ، عن علم وبصيرة ، وغيب . { وَلَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكًا } برسالتنا ، لكان الإيمان لا يصدر عن معرفة بالحق ، ولكان إيمانا بالشهادة ، الذي لا ينفع شيئا وحده ، هذا إن آمنوا ، والغالب أنهم لا يؤمنون بهذه الحالة ، فإذا لم يؤمنوا قضي الأمر بتعجيل الهلاك عليهم وعدم إنظارهم ، لأن هذه سنة الله ، فيمن طلب الآيات المقترحة فلم يؤمن بها ، فإرسال الرسول البشري إليهم بالآيات البينات ، التي يعلم الله أنها أصلح للعباد ، وأرفق بهم ، مع إمهال الله للكافرين والمكذبين خير لهم وأنفع ، فطلبُهم لإنزال الملك شر لهم لو كانوا يعلمون ، ومع ذلك ، فالملك لو أنزل عليهم ، وأرسل ، لم يطيقوا التلقي عنه ، ولا احتملوا ذلك ، ولا أطاقته قواهم الفانية .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَقَالُواْ لَوۡلَآ أُنزِلَ عَلَيۡهِ مَلَكٞۖ وَلَوۡ أَنزَلۡنَا مَلَكٗا لَّقُضِيَ ٱلۡأَمۡرُ ثُمَّ لَا يُنظَرُونَ} (8)

{ وَقَالُوا لَوْلا أُنزلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ } [ أي : فيكون معه نذيرا ]{[10573]} قال الله : { وَلَوْ أَنزلْنَا مَلَكًا لَقُضِيَ الأمْرُ ثُمَّ لا يُنْظَرُونَ } أي : لو نزلت الملائكة على ما هم عليه لجاءهم من الله العذاب ، كما قال تعالى : { مَا نُنزلُ الْمَلائِكَةَ إِلا بِالْحَقِّ وَمَا كَانُوا إِذًا مُنْظَرِينَ } [ الحجر : 8 ] ، [ و ]{[10574]} قال تعالى : { يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ لا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ [ وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا ]{[10575]} } [ الفرقان : 22 ] .


[10573]:زيادة من أ.
[10574]:زيادة من أ.
[10575]:زيادة من م، أ، وفي هـ: "الآية".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَقَالُواْ لَوۡلَآ أُنزِلَ عَلَيۡهِ مَلَكٞۖ وَلَوۡ أَنزَلۡنَا مَلَكٗا لَّقُضِيَ ٱلۡأَمۡرُ ثُمَّ لَا يُنظَرُونَ} (8)

القول في تأويل قوله تعالى :

{ وَقَالُواْ لَوْلآ أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنزَلْنَا مَلَكاً لّقُضِيَ الأمْرُ ثُمّ لاَ يُنظَرُونَ } . .

يقول تعالى ذكره : قال هؤلاء المكذّبون بآياتي العادلون بي الأنداد والاَلهة : يا محمد لك لو دعوتهم إلى توحيدي والإقرار بربوبيتي ، وإذا أتيتهم من الاَيات والعبر بما أتيتهم به واحتججت عليهم بما احتججت عليهم مما قطعت به عذرهم : هلاّ نزل عليك ملك من السماء في صورته يصدقّك على ما جئنا به ، ويشهد لك بحقيقة ما تدّعي من أن الله أرسلك إلينا كما قال تعالى مخبرا عن المشركين في قيلهم لنبيّ الله صلى الله عليه وسلم : وقَالُوا ما لِهَذَا الرّسُولِ يَأْكُلُ الطّعامِ ويَمْشِي فِي الأسْوَاقِ لَوْلا أُنْزِلَ إلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرا وَلَوْ أنْزَلْنَا مَلَكا لَقُضِيَ الأمْرُ ثُمّ لا يَنْطُرُونَ يقول : ولو أنزلنا مَلَكا على ما سألوا ثم كفروا ولم يؤمنوا بي وبرسولي ، لجاءهم العذاب عاجلاً غير آجل ، ولم ينظروا فيؤخروا بالعقوبة مراجعة التوبة ، كما فعلت بمن قبلهم من الأمم التي سألت الاَيات ثم كفرت بعد مجيئها من تعجيل النقمة وترك الإنظار . كما :

حدثني محمد بن الحسين ، قال : حدثنا أحمد بن مفضل ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ : وَلَوْ أنْزَلْنَا مَلَكا لَقُضِيَ الأمْرُ ثُمّ لا يَنْطُرُونَ يقول : لجاءهم العذاب .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : وَلَوْ أنْزَلْنَا مَلَكا لَقُضِيَ الأمْرُ ثُمّ لا يَنْطُرُونَ يقول : ولو أنهم أنزلنا إليهم ملكا ثم لم يؤمنوا لم ينظروا .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله تعالى : لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ في صورته ، وَلَوْ أنْزَلْنَا مَلَكا لَقُضِيَ الأمْرُ لقامت الساعة .

حدثنا ابن وكيع ، عن أبيه ، قال : حدثنا أبو أسامة ، عن سفيان ، عن سفيان الثوري ، عن عكرمة : لقُضِيَ الأمْرُ قال : لقامت الساعة .

حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة : وَلَوْ أنْزَلْنَا مَلَكا لَقُضِيَ الأمْرُ قال : يقول : لو أنزل الله مَلَكا ثم لم يؤمنوا ، لعجل لهم العذاب .

وقال آخرون في ذلك بما .

حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا عثمان بن سعيد ، قال : أخبرنا بشر ، عن عمار ، عن أبي روق ، عن الضحاك ، عن ابن عباس ، قوله : وَلَوْ أنْزَلْنَا مَلَكا لَقُضِيَ الأمْرُ ثُمّ لا يَنْطُرُونَ قال : لو أتاهم ملك في صورته لماتوا ، ثم لم يؤخروا طرفة عين .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَقَالُواْ لَوۡلَآ أُنزِلَ عَلَيۡهِ مَلَكٞۖ وَلَوۡ أَنزَلۡنَا مَلَكٗا لَّقُضِيَ ٱلۡأَمۡرُ ثُمَّ لَا يُنظَرُونَ} (8)

{ وقالوا لولا أنزل عليه ملك } هلا أنزل معه ملك يكلمنا أنه نبي كقوله : { لولا أنزل إليه ملك فيكون معه نذيرا } . { ولو أنزلنا ملكا لقضي الأمر } جواب لقولهم وبيان هو المانع مما اقترحوه والخلل فيه ، والمعنى أن الملك لو أنزل بحيث عاينوه كما اقترحوا لحق إهلاكهم فإن سنة الله قد جرت بذلك فيمن قبلهم . { ثم لا ينظرون } بعد نزوله طرفة عين .