فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَقَالُواْ لَوۡلَآ أُنزِلَ عَلَيۡهِ مَلَكٞۖ وَلَوۡ أَنزَلۡنَا مَلَكٗا لَّقُضِيَ ٱلۡأَمۡرُ ثُمَّ لَا يُنظَرُونَ} (8)

قوله : { وَقَالُواْ لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَك } هذه الجملة مشتملة على نوع آخر من أنواع جحدهم لنبوّته صلى الله عليه وسلم وكفرهم بها ، أي قالوا هلا أنزل الله عليك ملكاً نراه ويكلمنا أنه نبيّ حتى نؤمن به ونتبعه ؟ كقولهم : { لَوْلا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً } { وَلَوْ أَنزَلْنَا مَلَكاً لقُضِيَ الأمر } أي لو أنزلنا ملكاً على الصفة التي اقترحوها بحيث يشاهدونه ويخاطبونه ويخاطبهم { لَقُضِي الأمر } أي لأهلكناهم إذ لم يؤمنوا عند نزوله ، ورؤيتهم له ؛ لأن مثل هذه الآية البينة ، وهي نزول الملك على تلك الصفة إذا لم يقع الإيمان بعدها ، فقد استحقوا الإهلاك والمعاجلة بالعقوبة { ثُمَّ لاَ يُنظَرُونَ } أي لا يمهلون بعد نزوله ومشاهدتهم له ؛ وقيل إن المعنى : إن الله سبحانه لو أنزل ملكاً مشاهداً لم تطق قواهم البشرية أن يبقوا بعد مشاهدته أحياء ، بل تزهق أرواحهم عند ذلك ، فيبطل ما أرسل الله له رسله ، وأنزل به كتبه من هذا التكليف الذي كلف به عباده { لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُم أَحْسَنُ عَمَلاً } .

/خ10