نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{وَقَالُواْ لَوۡلَآ أُنزِلَ عَلَيۡهِ مَلَكٞۖ وَلَوۡ أَنزَلۡنَا مَلَكٗا لَّقُضِيَ ٱلۡأَمۡرُ ثُمَّ لَا يُنظَرُونَ} (8)

ولما بين ما يترتب على الإجابة إلى ما أشار إلى أن اليهود اقترحوه من إنزال الكتاب ، أخبر أنهم اقترحوا ظهور الملك لهم{[28633]} ، وبين لوازمه ، فإنهم قالوا : لو بعث الله رسولاً لوجب كونه ملكاً ليكون أكثر علماً وأقوى قدرة وأظهر امتيازاً عن البشر ، فتكون{[28634]} الشبهة في رسالته أقل ، والحكيم{[28635]} إذا أراد تحصيل مهم{[28636]} كان الأولى تحصيله بما هو أسرع إيصالاً إليه ، فقال : { وقالوا لولا } أي هلا ولِمَ لا { أنزل عليه ملك } أي من السماء ظاهراً لنا يكلمنا ونكلمه ولا يحتجب عنا .

ولما ذكر قولهم مشيراً إلى شبهتهم ، نقضه بقوله : { ولو } أي والحال أنا لو { أنزلنا } وأسقط أداة الاستعلاء لعدم الاحتياج في رد كلامهم إلى ذكرها . و{[28637]} لئلا يكون فيه تسليهم لما لوحوا إليه من إنكارهم نزول الملك عليه بالوحي { ملكاً } أي كما اقترحوه{[28638]} ، فلا يخلو إما أن يكون على صورته{[28639]} أولاً ، فإن كان على صورته{[28640]} التي خلق عليها لم يثبتوا لرؤيته ، ولو كان كذلك { لقضي الأمر } أي بهلاكهم ، وبناه{[28641]} للمفعول إشارة على{[28642]} طريق كلام القادرين إلى غاية السرعة لسهولة الأمر وخفة مؤنته ، فإنه لا ينظره أحد منهم إلاّ صعق ، ولئن أعطيناهم قوة يثبتون بها لنظره ليكونن{[28643]} قضاءٌ للأمر وانفصال للنزاع من وجه آخر ، وهو أن ذلك كشف للغطاء وفوات للإيمان بالغيب ، وقد جرت عادتنا بالإهلاك عند ذلك ، فإذا هم هالكون على كل من هذين التقديرين ، وهو معنى قوله مهولاً لرتبته بحرف التراخي : { ثم لا ينظرون } أي على حالة من هاتين ، وأما إن جعلناه على صورة يستطيعون نظرها فإنا نجعله على صورة رجل ، فإنها أكمل الصور ؛ وحينئذٍ يقع لهم{[28644]} اللبس الذي وقع لهم بدعائك ،


[28633]:زيد من ظ.
[28634]:من ظ، وفي الأصل: فيكون.
[28635]:في ظ: الحكم.
[28636]:في ظ: هممهم.
[28637]:سقط من ظ.
[28638]:في ظ: اقتروه.
[28639]:تكرر ما بين الرقمين في الأصل.
[28640]:تكرر ما بين الرقمين في الأصل.
[28641]:في ظ: بناوه.
[28642]:من ظ، وفي الأصل: إلى.
[28643]:في ظ: ليكون.
[28644]:سقط من ظ.