تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَقَالُوٓاْ أَنُؤۡمِنُ لِبَشَرَيۡنِ مِثۡلِنَا وَقَوۡمُهُمَا لَنَا عَٰبِدُونَ} (47)

{ فَقَالُوا } كبرا وتيها ، وتحذيرا لضعفاء العقول ، وتمويها : { أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا } كما قاله من قبلهم سواء بسواء ، تشابهت قلوبهم في الكفر ، فتشابهت أقوالهم وأفعالهم ، وجحدوا منة الله عليهما بالرسالة .

{ وَقَوْمُهُمَا } أي : بنو إسرائيل { لَنَا عَابِدُونَ } أي : معبدون بالأعمال والأشغال الشاقة ، كما قال تعالى : { وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ }

فكيف نكون تابعين بعد أن كنا متبوعين ؟ " وكيف يكون هؤلاء رؤساء علينا ؟ " ونظير قولهم ، قول قوم نوح : { أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ } { وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ } من المعلوم أن هذا لا يصلح لدفع الحق ، وأنه تكذيب ومعاندة .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{فَقَالُوٓاْ أَنُؤۡمِنُ لِبَشَرَيۡنِ مِثۡلِنَا وَقَوۡمُهُمَا لَنَا عَٰبِدُونَ} (47)

يخبر تعالى أنه بعث رسوله موسى ، عليه السلام ، وأخاه هارون إلى فرعون وملئه ، بالآيات والحجج الدامغات ، والبراهين القاطعات ، وأن فرعون وقومه استكبروا عن اتباعهما ، والانقياد لأمرهما ، لكونهما بَشرين كما أنكرت الأمم الماضية بعثة الرسل من البشر ، تشابهت قلوبهم ، فأهلك الله فرعون وملأه ، وأغرقهم في يوم واحد أجمعين ، وأنزل على موسى الكتاب - وهو التوراة - فيها أحكامه وأوامره ونواهيه ، وذلك بعد ما قصم الله فرعون والقبط ، وأخذهم أخذ عزيز مقتدر ؛ وبعد أن أنزل الله التوراة لم يهلك أمة بعامة ، بل أمر المؤمنين بقتال الكافرين ، كما قال تعالى : { وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الأولَى بَصَائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } [ القصص : 43 ] .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{فَقَالُوٓاْ أَنُؤۡمِنُ لِبَشَرَيۡنِ مِثۡلِنَا وَقَوۡمُهُمَا لَنَا عَٰبِدُونَ} (47)

القول في تأويل قوله تعالى : { فَقَالُوَاْ أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ * فَكَذّبُوهُمَا فَكَانُواْ مِنَ الْمُهْلَكِينَ } .

يقول تعالى ذكره : فقال فرعون وملؤه : أنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنا فنتبعهما وَقَوْمُهُما من بني إسرائيل لَنا عابِدُونَ يعنون أنهم لهم مطيعون متذللون ، يأتمرون لأمرهم ويدينون لهم . والعرب تسمي كل من دان الملك عابدا له ، ومن ذلك قيل لأهل الحِيرة : العباد ، لأنهم كانوا أهل طاعة لملوك العجم .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد : قال فرعون : أنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنا . . . الاَية ، نذهب نرفعهم فوقنا ، ونكون تحتهم ، ونحن اليوم فوقهم وهم تحتنا ، كيف نصنع ذلك ؟ وذلك حين أتوهم بالرسالة . وقرأ : وَتَكُونَ لَكُما الكِبْرياءُ فِي الأَرْضِ قال : العلوّ في الأرض .