ولما كان هذا كله من حالهم في سرعة الحزن والفرح في حالتي الشدة والرخاء وإصرارهم على تجديد الكفر دليلاً على خفة أحلامهم ، وسوء تدبرهم{[53423]} ، فإنهم لا للآيات المرئية يعون ، ولا للمتلوة عليهم يسمعون ، سبب عن ذلك التعريف {[53424]}بأن أمرهم{[53425]} ليس لأحد غيره سبحانه وهو{[53426]} قد جعلهم أموات{[53427]} المعاني ، فقال ممثلاً لهم بثلاثة أصناف من الناس ، وأكده لأنهم ينكرون أن يكون حالهم كذلك والنبي صلى الله عليه وسلم شديد السعي في إسماعهم والجهد في ذلك : { فإنك } أي استدامتهم لكفرهم هذا تارة في الرخاء وتارة في الشدة وقوفاً مع الأثر من غير نظر ما إلى المؤثر وأنت تتلو عليهم آياته ، وتنبههم على بدائع بيناته{[53428]} بسبب أنك { لا تسمع الموتى } أي ليس في قدرتك إسماع الذين لا حياة لهم ، فلا نظر ولا سمع ، أو موتى القلوب ، إسماعاً ينفعهم ، لأنه مما اختص به سبحانه ، وهؤلاء منهم من هم مثل الأموات لأن الله تعالى قد ختم على مشاعرهم{[53429]} { ولا تسمع } أي أنت في قراءة الجماعة غير ابن كثير{[53430]} { الصم } أي الذين لا سمع{[53431]} لهم أصلاً ، وذكر ابن كثير الفعل من سمع ورفع الصم على أنه فاعل ، فكان التقدير : فإن من مات أو مات قلبه ولا يسمع ولا يسمع الصم { الدعاء } إذا دعوتهم ، ثم لما كان الأصم قد يحس بدعائك إذا{[53432]} كان مقبلاً بحاسة بصره قال : { إذا ولوا } وذكر
الفعل ولم يقل : ولت ، إشارة إلى قوة التولي{[53433]} لئلا يظن أنه{[53434]} أطلق على المجانبة مثلاً ، ولذا بنى من فاعله{[53435]} حالاً هي{[53436]} قوله : { مدبرين* } .
قوله تعالى : { فَإِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاء إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ ( 52 ) وَمَا أَنتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَن ضَلالَتِهِمْ إِن تُسْمِعُ إِلَّا مَن يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُم مُّسْلِمُونَ } .
يصف الله حال الكافرين المعاندين بالموتى الذين لا يسمعون ولا يعقلون ؛ لأنهم هامدون خامدون ، لا حياة فيهم ولا حراك . وكذلك الكافرين الذين ختم الله على قلوبهم فهم أولو طبائع كزَّة لا تلين لموعظة ولا تستجيب لحجة أو برهان . أولئك هم الجاحدون المعاندون الذين لا تسددهم النصيحة ولا يعطفُ قلوبهم الوعظ الكريم الحسن . وهم كذلك يشبهون الصُّمَ الذين لا يسمعون النداء . والأصم إذا ولى مدبرا لا يرده أيُّما نداء رفيع ولا هتاف صارخ ؛ لأنه سادر في صممه لا يسمع . وكذلك الجاحد المعاند ذو الفطرة البور والنفس الفاسدة الكنود ؛ فإنه لا يتعظ بالنصح وحسن الحديث ولا يزدجر بالتحذير ولا التنذير .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.