الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{فَإِنَّكَ لَا تُسۡمِعُ ٱلۡمَوۡتَىٰ وَلَا تُسۡمِعُ ٱلصُّمَّ ٱلدُّعَآءَ إِذَا وَلَّوۡاْ مُدۡبِرِينَ} (52)

أخرج مسلم وابن مردويه عن أنس بن مالك رضي الله عنه « أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك قتلى بدر أياماً حتى جيفوا ، ثم أتاهم فقام يناديهم ، فقال : يا أمية بن خلف ، يا أبا جهل بن هشام ، يا عتبة بن ربيعة ؛ هل وجدتم ما وعد ربكم حقاً ؟ فسمع عمر رضي الله عنه صوته فجاء فقال : يا رسول الله تناديهم بعد ثلاث وهل يسمعون ؟ يقول الله { إنك لا تسمع الموتى } فقال : والذي نفسي بيده ما أنتم بأسمع منهم ، ولكنهم لا يطيقون أن يجيبوا » .

وأخرج البخاري ومسلم والنسائي وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : وقف النبي صلى الله عليه وسلم على قليب بدر فقال « هل وجدتم ما وعد ربكم حقاً ؟ ثم قال : إنهم الآن يسمعون ما أقول . فذكر لعائشة رضي الله عنها فقالت : إنما قال النبي صلى الله عليه وسلم : إنهم الآن ليعلمون أن الذي كنت أقول لهم هو الحق ، ثم قرأت { إنك لا تسمع الموتى } حتى قرأت الآية » .

وأخرج أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي من طريق قتادة قال : ذكر لنا أنس بن مالك عن أبي طلحة رضي الله عنهما « أن نبي الله صلى الله عليه وسلم أمر يوم بدر بأربعة وعشرين رجلاً من صناديد قريش ، فقذفوا في طوى من أطواء بدر خبيث مخبث ، وكان إذا ظهر على قوم أقام بالْعَرَصَةِ ثلاث ليال ، فلما كان ببدر اليوم الثالث أمر براحلته فشد عليها رحلها ، ثم مشى واتبعه أصحابه قالوا : ما ترى ينطلق إلا لبعض حاجته حتى قام على شفة الركى فجعل يناديهم بأسمائهم وأسماء آبائهم . يا فلان بن فلان ، ويا فلان ابن فلان ، أيسركم أنكم أطعتم الله ورسوله ؟ فإنا قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقاً فهل وجدتم ما وعد ربكم حقاً ؟ فقال عمر رضي الله عنه : يا رسول الله ما تكلم من أجساد لا أرواح فيها : فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إنهم لأسمع لما أقول منكم » قال قتادة : أحياهم الله حتى أسمعهم قوله ، توبيخاً وتصغيراً ونقمة وحسرة وندماً .

وأخرج ابن مردويه من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : نزلت هذه الآية في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لأهل بدر { إنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين } .