فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{فَإِنَّكَ لَا تُسۡمِعُ ٱلۡمَوۡتَىٰ وَلَا تُسۡمِعُ ٱلصُّمَّ ٱلدُّعَآءَ إِذَا وَلَّوۡاْ مُدۡبِرِينَ} (52)

{ فَإِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاء إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ ( 52 ) وَمَا أَنتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَن ضَلَالَتِهِمْ إِن تُسْمِعُ إِلَّا مَن يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُم مُّسْلِمُونَ ( 53 ) اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ ( 54 ) وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ ( 55 ) وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ( 56 ) فَيَوْمَئِذٍ لَّا يَنفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ ( 57 ) }

{ فإنك لا تسمع الموتى } أي موتى القلوب إذا دعوتهم ، فكذا هؤلاء لعدم فهمهم للحقائق ، ومعرفتهم للصواب { ولا تسمع الصم الدعاء } إذا دعوتهم إلى الحق ووعظتهم بمواعظ الله ، وذكرتهم الآخرة وما فيها { إذا ولو مدبرين } بيان لإعراضهم عن الحق بعد بيان كونهم كالأموات وكونهم صم الآذان .

وقد تقدم تفسير هذا في سورة النمل ، فإن قلت : الأصم لا يسمع مقبلا أو مدبرا ؛ فما فائدة هذا التخصيص ؟ قلت : هو إذا كان مقبلا يفهم بالرمز والإشارة ، فإن ولى لا يسمع ولا يفهم بالإشارة عن ابن عباس قال : نزلت هذه الآية في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لأهل بدر ، والإسناد ضعيف .

والمشهور في الصحيحين وغيرهما أن عائشة استدلت بهذه الآية على رد رواية من روى الصحابة أن النبي صلى الله عليه وسلم نادى أهل قليب بدر ، وهو من الاستدلال بالعام على رد الخاص ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لما قيل له إنك تنادي أجساد بالية : ما أنتم بأسمع لما أقول منهم .

وفي مسلم من حديث أنس : أن عمر بن الخطاب لما سمع النبي صلى الله عليه وسلم يناديهم فقال : " يا رسول الله تناديهم بعد ثلاث ؟ وهل يسمعون ؟ يقول الله : إنك لا تسمع الموتى ، فقال والذي نفسي بيده ما أنتم بأسمع منهم ، ولكنهم لا يطيقون أن يجيبوا " ثم وصفهم بالعمي فقال :