السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{فَإِنَّكَ لَا تُسۡمِعُ ٱلۡمَوۡتَىٰ وَلَا تُسۡمِعُ ٱلصُّمَّ ٱلدُّعَآءَ إِذَا وَلَّوۡاْ مُدۡبِرِينَ} (52)

ولما علم الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم وجوه الأدلة ووعد وأوعد لم يزدهم دعاؤه إلا فرارا وكفراً وإرصاداً قال تعالى : { فإنك لا تسمع الموتى } أي : ليس في قدرتك إسماع الذين لا حياة لهم فلا نظر ولا سمع ، أو موتى القلوب إسماعاً ينفعهم لأنه مما اختص به الله تعالى ، وهؤلاء مثل الأموات ؛ لأنّ الله تعالى قد ختم على مشاعرهم { ولا تسمع الصم } أي : الذين لا سماع لهم { الدعاء } إذا دعوتهم .

ولما كان الأصم قد يحس بدعائك إذا كان مقبلاً بحاسة بصره قال تعالى { إذا ولوا } وذكر الفعل ولم يقل ولت إشارة إلى قوّة التولي لئلا يظنّ أنه أطلق على المجانبة مثلاً ولهذا قال تعالى { مدبرين } وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو بتسهيل الهمزة الثانية في الوصل ، والباقون بالتحقيق وإذا . وقف حمزة وهشام على الدعاء وأبدلا الهمزة ألفاً مع المدّة والتوسط والقصر .