اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{فَإِنَّكَ لَا تُسۡمِعُ ٱلۡمَوۡتَىٰ وَلَا تُسۡمِعُ ٱلصُّمَّ ٱلدُّعَآءَ إِذَا وَلَّوۡاْ مُدۡبِرِينَ} (52)

قوله ( تَعَالى{[42239]} : ) { فَإِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ الموتى } لما علم رسوله وجوه الأدلة ووعد وأوعد ولم يزدهم دعاؤه إلا فراراً وكفراً وإصراراً{[42240]} ، قال : { فَإِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ الموتى } وقد تقدم الكلام على نحو { فَإِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ } إلى آخره في الأنبياء ، وفي النمل{[42241]} . واعلم أن إرشاد الميِّتِ محالٌ والمحالُ أبعد من الممكن ثم إرشاد الأصمِّ صعبٌ فإنه لا يسمع الكلام وإنما يفهم بالإشارة والإفهام بالإشارة صعب ثم إرشاد الأعمى أيضاً صعب وإنك إذا قلت له الطريق على يمينك يدور إلى يمينه لكنه لا يبقى عليه بل يَحيد عن قرب ، وإرشاد الأصَمّ أصعب ولهذا تكون المعاشرة مع الأعمى أسْهَل من المعاشرة مع الأصم الذي لا يسمع لأن غايته الإفهامُ بالكلام وليس كلّ ما يفهم بالكلام يفهم بالإشارة ، فإن المعدومَ والغائب لا إشارة إليه فقال : { فَإِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ الموتى } ( ثم قال{[42242]} : وَلاَ الصُمَّ وَلاَ تَهْدِي العُمْيَ ) وقال في الأصم : { إِذَا وَلَّوا مُدْبِرِينَ } ؛ ليكون أدخل في الامتناع لأن الأصمَّ وإن كان يَفْهِم فإنما يفهم بالإشارة ، ( فإِذَا وَلَّى{[42243]} لا يكون نظره إلى المشير فامتنع إفهامه بالإشارة أيضاً ) .


[42239]:زيادة من "ب".
[42240]:في "ب" وإضرار بالضاد.
[42241]:يشير إلى قوله تعالى من سورة الأنبياء: {ولا يسمع الصمّ الدّعاء إذا ما ينذرون} الآية 45 والآية "80" من النمل.
[42242]:سقط من "ب".
[42243]:سقط من "ب".