تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{كَذَٰلِكَ نَسۡلُكُهُۥ فِي قُلُوبِ ٱلۡمُجۡرِمِينَ} (12)

{ كذلك نسلكه } أي : ندخل التكذيب { في قلوب المجرمين } أي : الذين وصفهم الظلم والبهت ، عاقبناهم . لما اشتبهت قلوبهم بالكفر والتكذيب ، تشابهت معاملتهم لأنبيائهم ورسلهم بالاستهزاء والسخرية وعدم الإيمان ولهذا قال : { لا يؤمنون به وقد خلت سنة الأولين }

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{كَذَٰلِكَ نَسۡلُكُهُۥ فِي قُلُوبِ ٱلۡمُجۡرِمِينَ} (12)

( كذلك نسلكه في قلوب المجرمين . لا يؤمنون به وقد خلت سنة الأولين ) . .

نسلكه في قلوبهم مكذبا بما فيه مستهزأ به ؛ لأن هذه القلوب لا تحسن أن تتلقاه إلا على هذا النحو .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{كَذَٰلِكَ نَسۡلُكُهُۥ فِي قُلُوبِ ٱلۡمُجۡرِمِينَ} (12)

يحتمل أن يكون الضمير في { نسلكه } يعود على الاستهزاء والشرك ونحوه - وهو قول الحسن وقتادة وابن جرير وابن زيد - ويكون الضمير في { به } يعود أيضاً على ذلك بعينه ، وتكون باء السبب ، أي لا يؤمنون بسبب شركهم واستهزائهم ، ويكون قوله : { لا يؤمنون به } في موضع الحال .

ويحتمل أن يكون الضمير في { نسلكه } عائداً على الذكر المحفوظ المتقدم الذكر وهو القرآن ، أي مكذباً به مردوداً مستهزأ به ندخله في قلوب المجرمين ، ويكون الضمير في { به } عائداً عليه أيضاً أي لا يصدقون به .

ويحتمل أن يكون الضمير في { نسلكه } عائداً على الاستهزاء والشرك ، والضمير في { به } يعود على القرآن ، فيختلف - على هذا - عود الضميرين .

والمعنى في ذلك كله ينظر بعضه إلى بعض .

و { نسلكه } معناه : ندخله ، يقال : سلكت الرجل في الأمر ، أي أدخلته فيه ، ومن هذا قول الشاعر [ عدي بن زيد ] : [ الوافر ] .

وكنت لزاز خصمك لم أعرد . . . وقد سلكوك في يوم عصيب{[7136]}

ومنه قول الآخر [ عبد مناف بن ربع الهذلي ] : [ البسيط ]

حتى إذا سلكوهم في قتايدة . . . شلاكما تطرد الجمالة الشردا{[7137]}

ومنه قول أبي وجزة يصف حمر وحش : [ البسيط ]

حتى سلكن الشوى منهن في مسك . . . من نسل جوابة الآفاق مهداج{[7138]}

قال الزجاج : ويقرأ : «نُسلِكه » بضم النون وكسر اللام ، و { المجرمين } في هذه الآية يراد بهم كفار قريش ومعاصري محمد صلى الله عليه وسلم .


[7136]:البيت لعدي بن زيد العبادي، وقد سبق أن استشهد به ابن عطية في تفسير سورة هود، عند قوله تعالى: {وقال هذا يوم عصيب}، وقد ذكره في اللسان شاهدا على أن السلك بالفتح هو مصدر سلكت الشيء في الشيء فانسلك، أي: أدخلته فيه فدخل. ولزاز خصم معناه: مقارنه و ملتصق به لا أفارقه مع القدرة عليه. ولم أعرد: لم أحجم و لم أفر من المعركة.
[7137]:البيت لعبد مناف بن ربع الهذلي، وهو في (اللسان ـ جمل وسلك)، وهو هنا شاهد على أن أسلك بالهمزة في أوله مثل سلك التي في بيت عدي بن زيد، وهو أيضا في خزانة الأدب شاهدا على أن جواب إذا محذوف، و التقدير: بلغوا أملهم، وهذا هو رأي الرضي شارح كافية ابن الحاجب، وقال البغدادي أيضا: إن أسلك لغة في سلك، يقال: أسلكت الشيء في الشيء، مثل سلكته فيه، بمعنى أدخلته فيه، فهو من رأي ابن عطية، و كذلك الطبري من رأيهما، وقتائدة: جبل بين المنصرف والروحاء، قال ذلك البكري، وقيل: هي ثنية، والشل: الطرد، والجمالة: أصحاب الجمال، وهي في الوزن مثل الحمارة لأصحاب الحمير، وهي فاعل للفعل تطرد، والشرد: جمع شرود، يريد: من الجمال.
[7138]:البيت لأبي وجزة، قال صاحب (اللسان ـ مسك) بعد أن ذكر أن المسك أسورة من ذبل أو عاج: "واستعاره أبو وجزة فجعل ما تدخل فيه الأتن أرجلها من الماء مسكا فقال: حتى سلكن..... البيت"ز وفي التهذيب: "المسك الدبل من العاج كهيئة السوار تجعله المرأة في يديها، فذلك المسلك، والذبل: القرون". والشوى: القوائم. وقيل: هي اليدان والرجلان، والمراد واحد. وجاب يجوب جوبا: قطع وخرق، ورجل جواب: معتاد لذلك إذا كان قطاعا للبلاد سيارا فيها، والمهداج: العطوف الحنون على ولدها، يقول: إن هذه الحمر أدخلت قوائمها أو أرجلها فيما يشبه المسك من الماء، ثم جعل ذلك الماء من نسل ريح تجوب البلاد، فجعل الماء للريح كالولد لأن الريح حملته.