لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{كَذَٰلِكَ نَسۡلُكُهُۥ فِي قُلُوبِ ٱلۡمُجۡرِمِينَ} (12)

{ وما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزئون كذلك نسلكه في قلوب المجرمين } السلوك النفاذ في الطريق ، والدخول فيه والسلك إدخال الشيء في الشيء كإدخال الخيط في المخيط ، ومعنى الآية كما سلكنا الكفر والتكذيب والاستهزاء في قلوب شيع الأولين ، كذلك نسلكه أي ندخله في قلوب المجرمين يعني مشركي مكة ، وفيه رد على القدرية والمعتزلة وهي أبين آية في ثبوت القدر لمن أذعن للحق ، ولم يعاند قال الواحدي قال أصحابنا : أضاف الله سبحانه وتعالى إلى نفسه إدخال الكفر في قلوب الكفار ، وحسن ذلك منه فمن آمن بالقرآن فليستحسنه ، وقال الإمام فخر الدين الرازي : احتجّ أصحابنا بهذه الآية على أنه تعالى يخلق الباطل ، والضلال في قلوب الكفار فقالوا قوله : كذلك نسلكه أي كذلك نسلك الباطل ، والضلال في قلوب المجرمين وقالت المعتزلة : لم يجر للضلال والكفر ذكر فيما قبل هذا اللفظ ، فلا يمكن أن يكون الضمير عائدا إليه ، وأجيب عنه بأنه سبحانه وتعالى قال : ما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزئون فالضمير في قوله كذلك نسلكه عائد إليه ، والاستهزاء بالأنبياء كفر وضلال فثبت صحة قولنا : إن المراد من قوله كذلك نسلكه في قلوب المجرمين ، أنه الكفر والضلال .