إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{كَذَٰلِكَ نَسۡلُكُهُۥ فِي قُلُوبِ ٱلۡمُجۡرِمِينَ} (12)

{ كذلك } إشارةٌ إلى ما دل عليه الكلام السابقُ من إلقاء الوحي مقروناً بالاستهزاء ، أي مثلَ ذلك السَّلْكِ الذي سلكناه في قلوب أولئك المستهزئين برسلهم وبما جاءوا به من الكتب { نَسْلُكُهُ } أي الذكرَ { في قُلُوبِ المجرمين } أي أهل مكةَ أو جنسُ المجرمين ، فيدخلون فيه دخولاً أولياً ، ومحلُّه النصبُ على أنه نعتٌ لمصدر محذوف أو حالٌ منه ، أي نسلكه سَلْكاً مثلَ السلك أو نسلك السَّلكَ حال كونِه مثلَه أي مقروناً بالاستهزاء ، غيرَ مقبول لما تقتضيه الحكمةُ فإنهم من أهل الخِذلان ليس لهم استحقاقٌ لقبول الحقِّ ، وصيغةُ المضارع لكون المشبَّه به مقدماً في الوجود وهو السِّلك الواقعُ في الأمم السالفة ، أو للدِلالة على استحضار الصورةِ ، والسَّلْكُ إدخالُ الشيء في آخرَ ، يقال : سَلكتُ الخيطَ في الإبرة والرمحَ في المطعون .