تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{يُرِيدُ أَن يُخۡرِجَكُم مِّنۡ أَرۡضِكُمۡۖ فَمَاذَا تَأۡمُرُونَ} (110)

ثم خوفوا ضعفاء الأحلام وسفهاء العقول ، بأنه يُرِيدُ موسى بفعله هذا أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ أي : يريد أن يجليكم{[323]} عن أوطانكم فَمَاذَا تَأْمُرُونَ أي : إنهم تشاوروا فيما بينهم ما يفعلون بموسى ، وما يندفع به ضرره بزعمهم عنهم ، فإن ما جاء به إن لم يقابل بما يبطله ويدحضه ، وإلا دخل في عقول أكثر الناس .


[323]:- كذا في ب، وفي أ: يريد ليجليكم من.
 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{يُرِيدُ أَن يُخۡرِجَكُم مِّنۡ أَرۡضِكُمۡۖ فَمَاذَا تَأۡمُرُونَ} (110)

103

( يريد أن يخرجكم من أرضكم . فماذا تأمرون ؟ )

إنهم يصرحون بالنتيجة الهائلة التي تتقرر من إعلان تلك الحقيقة . إنها الخروج من الأرض . . إنها ذهاب السلطان . . إنها إبطال شرعية الحكم . . أو . . محاولة قلب نظام الحكم ! . . بالتعبير العصري الحديث !

إن الأرض لله . والعباد لله . فإذا ردت الحاكمية في أرض لله ، فقد خرج منها الطغاة ، الحاكمون بغير شرع الله ! أو خرج منها الأرباب المتألهون الذين يزاولون خصائص الألوهية بتعبيد الناس لشريعتهم وأمرهم . وخرج منها الملأ الذين يوليهم الأرباب المناصب والوظائف الكبرى ، فيعبدون الناس لهذه الأرباب !

هكذا أدرك فرعون وملؤه خطورة هذه الدعوة . . وكذلك يدركها الطواغيت في كل مرة . . لقد قال الرجل العربي - بفطرته وسليقته - حين سمع رسول الله [ ص ] يدعو الناس إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله : " هذا أمر تكرهه الملوك ! " . وقال له رجل آخر من العرب بفطرته وسليقته : " إذن تحاربك العرب والعجم " . . لقد كان هذا العربي وذاك يفهم مدلولات لغته . كان يفهم أن شهادة أن لا إله إلا الله ثورة على الحاكمين بغير شرع الله عرباً كانوا أم عجماً ! كانت لشهادة أن لا إله إلا الله جديتها في حس هؤلاء العرب ، لأنهم كانوا يفهمون مدلول لغتهم جيداً . فما كان أحد منهم يفهم أنه يمكن أن تجتمع في قلب واحد ، ولا في أرض واحدة . شهادة أن لا إله إلا الله ، مع الحكم بغير شرع الله ! فيكون هناك آلهة مع الله ! ما كان أحد منهم يفهم شهادة أن لا إله إلا الله كما يفهمها اليوم من يدعون أنفسهم " مسلمين " . . ذلك الفهم الباهت التافه الهزيل !

وهكذا قال الملأ من قوم فرعون ، يتشاورون مع فرعون :

( إن هذا لساحر عليم . يريد أن يخرجكم من أرضكم . فماذا تأمرون ؟ ) .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{يُرِيدُ أَن يُخۡرِجَكُم مِّنۡ أَرۡضِكُمۡۖ فَمَاذَا تَأۡمُرُونَ} (110)

وقولهم { يريد أن يخرجكم من أرضكم } يعنون بأنه يحكم فيكم بنقل رعيتكم في بني إسرائيل فيفضي ذلك إلى خراب دياركم إذا ذهب الخدمة والعمرة ، وأيضاً فلا محالة أنهم خافوا أن يقاتلهم وجالت ظنونهم كل مجال ، وقال النقاش : كانوا يأخذون من بني إسرائيل خرجاً كالجزية فرأوا أن ملكهم يذهب بزوال ذلك ، وقوله { فماذا تأمرون } الظاهر أنه من كلام الملأ بعضهم إلى بعض ، وقيل هو من كلام فرعون لهم ، وروى كردم عن نافع «تأمرونِ » بكسر النون ، وكذلك في الشعراء و «في » استفهام و «ذا » بمعنى الذي فهما ابتداء وخبر ، وفي { تأمرون } ضمير عائد على الذي تقديره تأمرون به ويجوز أن تجعل { ماذا } بمنزلة اسم واحد في موضع نصب ب { تأمرون } ولا يضمر فيه على هذا ، قال الطبري : والسحر مأخوذ من سحر المطر الأرض إذا جادها حتى يقلب نباتها ويقلعه من أصوله فهو يسحرها سحراً والأرض مسحورة .

قال القاضي أبو محمد : وإنما سحر المطر الطين إذا أفسده حتى لا يمكن فيه عمل ، والسحر الآخذة التي تأخذ العين حتى ترى الأمر غير ما هو ، وربما سحر الذهن ، ومنه قول ذي الرمة : [ الوافر ]

وساحرة السراب من الموامي*** يرقص في نواشزها الأروم

أراد أنه يخيل نفسه ماء للعيون .