تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{يُرِيدُ أَن يُخۡرِجَكُم مِّنۡ أَرۡضِكُمۡۖ فَمَاذَا تَأۡمُرُونَ} (110)

الآية 110 وقوله تعالى : { يريد أن يخرجكم من أرضكم } كان موسى لا يريد أن يخرجهم من أرضهم ، ولكن ، والله{[8765]} أعلم ، كأنه قال فرعون لقومه : لو اتبعتم موسى ، وأجبتموه إلى ما يدعوكم إليه لأخرجتكم ، لكن أضاف ذلك إلى موسى لما كان هو سبب إخراجهم ، والله أعلم .

أو يقول : يريد أن يذهب بعيشكم الطيب وراحتكم وتلذّذكم بأنواع التلذذ ؛ لأنهم كانوا يستعبدون بني إسرائيل ، ويستخدمونهم ، ويستريحون بهم ، وينعمون . فيقول للقبط : يريد أن يذهب بذلك كله عنكم .

وجائز أن يكون موسى لم يكن يريد أن يخرجهم{[8766]} من أرضهم ، ولكن يريد أن يخرجهم{[8767]} من دينهم الذي كانوا عليه ، ولكنه كان يغري قومه عليه .

وقوله تعالى : { فماذا تأمرون } دل هذا القول من فرعون أنه كان يعرف أنه ليس بإله ولا رب ، لأنه لو كان ما يقول { أنا ربكم الأعلى } [ النازعات : 24 ] لكان لا يطلب من قومه الأمر والإشارة في ذلك . دلّ ذلك أنه كان يعرف عجزه وضعفه ، لكنه يكابر ، ويلبس على قومه ، ويموّه بقوله : { إن هذا لساحر عليم } [ الأعراف : 109 ] .

وقوله تعالى : { يريد أن يخرجكم من أرضكم } هذا الحرف حرف إغراء وتحريش عليه .

وقوله تعالى : { فماذا تأمرون } هو حرف تقريب حين{[8768]} جعل إليهم الأمر والإشارة ، وجعلهم من أهل مشورته .


[8765]:الواو ساقطة من الأصل وم.
[8766]:من م، في الأصل: يخرجوا.
[8767]:من م، في الأصل: يخرجوا.
[8768]:في الأصل وم: حيث.