تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قَالُوٓاْ أَرۡجِهۡ وَأَخَاهُ وَأَرۡسِلۡ فِي ٱلۡمَدَآئِنِ حَٰشِرِينَ} (111)

فحينئذ انعقد رأيهم إلى أن قالوا لفرعون : أَرْجِهْ وَأَخَاهُ أي : احبسهما وأمهلهما ، وابعث في المدائن أناسا يحشرون أهل المملكة

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قَالُوٓاْ أَرۡجِهۡ وَأَخَاهُ وَأَرۡسِلۡ فِي ٱلۡمَدَآئِنِ حَٰشِرِينَ} (111)

103

واستقر رأيهم على أمر :

( قالوا : أرجه وأخاه ، وأرسل في المدائن حاشرين ) ،

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{قَالُوٓاْ أَرۡجِهۡ وَأَخَاهُ وَأَرۡسِلۡ فِي ٱلۡمَدَآئِنِ حَٰشِرِينَ} (111)

{ قالوا أرجه وأخاه وأرسل في المدائن حاشرين } .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{قَالُوٓاْ أَرۡجِهۡ وَأَخَاهُ وَأَرۡسِلۡ فِي ٱلۡمَدَآئِنِ حَٰشِرِينَ} (111)

جملة : { قالوا أرجه } جواب القوم المستشَارين ، فتجر يدها من حرف العطف لجريانها في طريق المحاورة ، أي : فأجاب بعض الملأ بإبداء رأي لفرعون فيما يتعين عليه اتخاذه . ويجوز أن تكون جملة : { قالوا أرجه } بدلاً من جملة : { قال الملأ من قوم فرعون } بإعادة فعل القول وهو العامل في المبدل منه إذا كان فرعون هو المقصود بقولهم : { فماذا تأمرون } .

وفعل { أرجه } أمر من الإرجاء وهو التأخير . قرأه نافع ، وعاصم ، والكسائي وأبو جعفر { أرجه } بجيم ثم هاء وأصله ( أرجئه ) بهمزة بعد الجيم فسُهلت الهمزة تخفيفاً ، فصارت ياء ساكنة ، وعوملت معاملة حرف العلة في حالة الأمر ، وقرأه الباقون بالهمز ساكناً على الأصل ولهم في حركات هاء الغيبة وإشباعها وجوه مقررة في علم القراءات .

والمعنى : أخّرْ المجادلة مع موسى إلى إحضار السحرة الذين يدافعون سحره ، وحكى القرآن ذكر الأخ هنا للإشارة إلى أنه طوي ذكره في أول القصة ، وقد ذكر في غير هذه القصة ابتداء .

وعدي فعل الإرسال ( بفي ) دون ( إلى ) لأن الفعل هنا غير مقصود تعديته إلى المرسل إليهم بل المقصود منه المرسَلون خاصة . وهو المفعول الأول . إذ المعنى : وأرسل حاشرين في المدائن يأتوك بالسّحرة ، فعُلم أنهم مرسلون للبحث والجلب . لا للإبلاغ وهذا قريب من قوله تعالى : { فأرسلنا فيهم رسولاً منهم } في سورة المؤمنين ( 32 ) ، قال في { الكشاف } هنالك : « لم يُعَد الفعل بقي مثلَ ما يُعدى بإلى ، ولكن الأمة جعلت موضعاً للإرسال كما قال رؤبة :

أرسلتَ فيها مُصْعَبا ذَا إقحام{[239]}

وقد جاء ( بَعَثَ ) على ذلك في قوله : { ولو شئنا لبعثنا في كل قرية نذيراً } [ الفرقان : 51 ] ، وقد تقدم آنفاً قريب منه عند قوله تعالى : { وما أرسلنا في قرية من نبي } [ الأعراف : 94 ] .

والمَدائن : جمع مدينة ، وهي بوزن فعيلة ، مشتقة من مَدَن بالمكان إذا أقام ولعل ( مَدَن ) هو المشتق من المدينة لا العكس ، وأيّاً ما كان فالأظهر أن ميم مدينة أصلية ولذلك جمعت على مدائن بالهمزة كما قالوا ( صَحَائف ) جمع صحيفة . ولو كانت مَفْعَلة من دانه لقالوا في الجمع مداين بالياء مثل معايش .

ومداين مصر في ذلك الزمن كثيرة وسنذكر بعضها عند قوله تعالى : { فأرسل فرعون في المدائن حاشرين } في سورة الشعراء ( 53 ) . قيل أرادوا مدائن الصعيد وكانت مقر العلماء بالسحر . والحاشرون الذين يحشرون الناس ويجمعونهم .

والشأن أن يكون ملأ فرعون عقلاءَ أهلَ سياسة ، فعلموا أن أمر دعوة موسى لا يكاد يخفى . وأن فرعون إنْ سجنه أو عاند ، تحقق الناس أن حجة موسى غلبت ، فصار ذلك ذريعة للشك في دين فرعون ، فرأوا أن يلاينوا موسى ، وطمعوا أن يوجد في سحَرة مصر من يدافع آيات موسى ، فتكون الحجة عليه ظاهرة للناس .


[239]:- المصعب بضم الميم وفتح العين ( الفحل) الصعب من الإبل وبقية الرجز طبا فقيها بذوات الإيلام