تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَلَئِن مَّسَّتۡهُمۡ نَفۡحَةٞ مِّنۡ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يَٰوَيۡلَنَآ إِنَّا كُنَّا ظَٰلِمِينَ} (46)

فلو مسهم { نَفْحَةٌ مِنْ عَذَابِ رَبِّكَ ْ } أي : ولو جزءا يسيرا ولا يسير من عذابه ، { لَيَقُولُنَّ يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ ْ } أي : لم يكن قولهم إلا الدعاء بالويل والثبور ، والندم ، والاعتراف بظلمهم وكفرهم واستحقاقهم للعذاب .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَلَئِن مَّسَّتۡهُمۡ نَفۡحَةٞ مِّنۡ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يَٰوَيۡلَنَآ إِنَّا كُنَّا ظَٰلِمِينَ} (46)

36

ويتابع السياق إيقاعه المؤثر في القلوب ، فيصورهم لأنفسهم حين يمسهم العذاب :

( ولئن مستهم نفحة من عذاب ربك ليقولن : يا ويلنا إنا كنا ظالمين ) . .

والنفحة تطلق غالبا في الرحمة . ولكنها هنا تطلق في العذاب . كأنما ليقال : إن أخف مسة من عذاب ربك تطلقهم يجأرون بالاعتراف . ولكن حيث لا يجدي الاعتراف . فلقد سبق في سياق السورة مشهد القرى التي أخذها بأس الله ، فنادى أهلها : ( يا ويلنا إنا كنا ظالمين . فما زالت تلك دعواهم حتى جعلناهم حصيدا خامدين ) . وإذن فهو الاعتراف بعد فوات الأوان . ولخير منه أن يسمعوا نذير الوحي وفي الوقت متسع ، قبل أن تمسهم نفحة من العذاب !

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَلَئِن مَّسَّتۡهُمۡ نَفۡحَةٞ مِّنۡ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يَٰوَيۡلَنَآ إِنَّا كُنَّا ظَٰلِمِينَ} (46)

{ ولئن مستهم نفحة } أدنى شيء ، وفيه مبالغات ذكر المس وما فيه النفحة من معنى القلة ، فإن أصل النفح هبوب رائحة الشيء والبناء الدال على المرة . { من عذاب ربك } من الذي ينذرون به . { ليقولن يا ويلنا إنا كنا ظالمين } لدعوا على أنفسهم بالويل واعترفوا عليها بالظلم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَلَئِن مَّسَّتۡهُمۡ نَفۡحَةٞ مِّنۡ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يَٰوَيۡلَنَآ إِنَّا كُنَّا ظَٰلِمِينَ} (46)

ثم خاطب تعالى محمداً صلى الله عليه وسلم متوعداً لهم بقوله { ولئن مستهم نفحة } ، والنفحة : الخطرة والمسة كما تقول : نفح بيده إذا قال بها هكذا ضارباً إلى جهة ، ومنه نفحة الطيب كأنه يخطر خطرات على الحاسة{[8234]} ، ومنه نفح له من عطايا إذا أجراه منها نصيباً{[8235]} ، ومنه نفح الفرس برجله إذا ركض{[8236]} ، والمعنى ولئن مس هؤلاء الكفرة صدمة عذاب في دنياهم ليندمن وليقرن بظلمهم{[8237]} .


[8234]:في اللسان: "نفح الطيب ينفح نفحا ونفوحا: أرج وفاح، وقيل: النفحة دفعة الريح، طيبة كانت أو خبيثة".
[8235]:في الحديث الشريف: (المكثرون هم المقلون إلا من نفح فيه يمينه وشماله، أي: ضرب يديه في العطاء)، وعلى هذا يقال: نفحه بشيء أي أعطاه، ونفحه بالمال نفحا: أعطاه.
[8236]:وفي اللسان أيضا: "ونفحت الدابة تنفح نفحا: رمحت برجلها ورمت بحد حافرها ودفعت، وقيل: النفح بالرجل الواحدة، والرمح بالرجلين معا".
[8237]:نقل الليث عن أبي الهيثم أنه قال في قول الله تعالى: {ولئن مستهم نفحة من عذاب ربك}، يقال: أصابتنا نفحة من الصبا أي روحة وطيب لا غم فيه، وأصابتنا نفحة من سموم، أي حر وغم وكرب.
 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَلَئِن مَّسَّتۡهُمۡ نَفۡحَةٞ مِّنۡ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يَٰوَيۡلَنَآ إِنَّا كُنَّا ظَٰلِمِينَ} (46)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره: ولئن مست هؤلاء المستعجلين بالعذاب يا محمد نفحة من عذاب ربك، يعني بالنفحة النصيب والحظّ، من قولهم: نفح فلان لفلان من عطائه: إذا أعطاه قسما أو نصيبا من المال... عن قتادة، قوله:"وَلَئِنْ مَسّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذَابِ رَبّكَ"... يقول: لئن أصابتهم عقوبة.

وقوله: "لَيَقُولُنّ يا وَيْلَنا إنّا كُنّا ظالِمِينَ "يقول: لئن أصابتهم هذه النفحة من عقوبة ربك يا محمد بتكذيبهم بك وكفرهم، ليعلمنّ حينئذ غبّ تكذيبهم بك، وليعترفن على أنفسهم بنعمة الله وإحسانه إليهم وكفرانهم أياديه عندهم، وليقولنّ يا ويلنا إنا كان ظالمين في عبادتنا الآلهة والأنداد، وتركنا عبادة الله الذي خلقنا وأنعم علينا، ووضعنا العبادة غير موضعها.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

{ولئن مستهم نفحة من عذاب ربك}، قال الحسن {نفحة} أي طائفة

{من عذاب ربك} وقال بعضهم: نقمة من ربك. وقال بعضهم: عقوبة ربك. وأصل النفحة: الرمية...

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

معناه لو لحقهم وأصابهم دفعة يسيرة... لأيقنوا بالهلاك، ولقالوا (يا ويلنا) أي الهلاك علينا (إنا كنا ظالمين) لنفوسنا بارتكاب المعاصي اعترافا منهم بذلك. ومعنى (يا ويلنا) يا بلاءنا الذي نزل بنا. وإنما يقال استغاثه مما يكون منه.

لطائف الإشارات للقشيري 465 هـ :

أي إنهم لا يصبرون على أقلِّ شيءٍ من العقوبة.

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

{وَلَئِن مَّسَّتْهُمْ} من هذا الذي ينذرون به أدنى شيء، لأذعنوا وذلوا، وأقروا بأنهم ظلموا أنفسهم حين تصاموا وأعرضوا. وفي المس والنفحة ثلاث مبالغات، لأنّ النفح في معنى القلة والنزارة. يقال: نفحته الدابة وهو رَمح يسير، ونفحه بعطية: رضخه. ولبناء المَرَّة.

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

والمعنى ولئن مس هؤلاء الكفرة صدمة عذاب في دنياهم ليندمن وليقرن بظلمهم.

زاد المسير في علم التفسير لابن الجوزي 597 هـ :

{ليقولن يا ويلنا} والويل ينادي به كل من وقع في هلكة...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

ولما كان المنذر لا يترك الاستعداد لما ينذر به من العذاب إلا إذا كان قوياً على دفعه، بيّن أنهم على غير ذلك فقال: {ولئن} أي لا يسمعون والحال أنه لا قوة بهم، بل إن {مستهم} أي لاقتهم أدنى ملاقاة {نفحة} أي رائحة يسيرة مرة من المرات {من عذاب ربك} المحسن إليك بنصرك عليهم {ليقولن} وقد أذهلهم أمرها عن نخوتهم، وشغلهم قدرها عن كبرهم وحميتهم: {يا ويلنا} الذي لا نرى الآن بحضرتنا غيره {إنا كنا} أي بما لنا مما هو في ثباته كالجبلات {ظالمين} أي عريقين في الظلم في إعراضنا وتصامّنا، ترفقاً وتذللاً لعله يكف عنهم.

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

ويتابع السياق إيقاعه المؤثر في القلوب، فيصورهم لأنفسهم حين يمسهم العذاب:

(ولئن مستهم نفحة من عذاب ربك ليقولن: يا ويلنا إنا كنا ظالمين)..

والنفحة تطلق غالبا في الرحمة. ولكنها هنا تطلق في العذاب. كأنما ليقال: إن أخف مسة من عذاب ربك تطلقهم يجأرون بالاعتراف. ولكن حيث لا يجدي الاعتراف. فلقد سبق في سياق السورة مشهد القرى التي أخذها بأس الله، فنادى أهلها: (يا ويلنا إنا كنا ظالمين. فما زالت تلك دعواهم حتى جعلناهم حصيدا خامدين). وإذن فهو الاعتراف بعد فوات الأوان. ولخير منه أن يسمعوا نذير الوحي وفي الوقت متسع، قبل أن تمسهم نفحة من العذاب!

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

عطف على جملة {قل إنما أنذركم بالوحي} [الأنبياء: 45] والخطاب للنبيء صلى الله عليه وسلم أي أنذرهم بأنهم سيندمون عندما ينالهم أول العذاب في الآخرة. وهذا انتقال من إنذارهم بعذاب الدنيا إلى إنذارهم بعذاب الآخرة. وأكد الشرط بلام القسم لتحقيق وقوع الجزاء.

التيسير في أحاديث التفسير للمكي الناصري 1415 هـ :

ويذكر كتاب الله ما يصيب الظالمين الذين كانوا يستعجلون العذاب، من هلع وجزع، بمجرد ما يتعرضون لأقل امتحان، إذ ينزل بهم من الحسرة والندم والانهيار ما لم يكن في الحسبان.