روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{وَلَئِن مَّسَّتۡهُمۡ نَفۡحَةٞ مِّنۡ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يَٰوَيۡلَنَآ إِنَّا كُنَّا ظَٰلِمِينَ} (46)

وقوله تعالى : { وَلَئِن مَّسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مّنْ عَذَابِ رَبّكَ } بيان لسرعة تأثرهم من مجيء نفس العذاب إثر بيان عدم تأثرهم من مجيء خبره على نهج التوكيد القسمي أي وبالله لئن مسهم أدنى شيء من عذابه تعالى : { لَيَقُولُنَّ يا ويلنا إِنَّا كُنَّا ظالمين } أي ليدعن على أنفسهم بالويل والهلاك ويعترفن عليها بالظلم السابق ، وفي { مَّسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ } ثلاث مبالغات كما قال الزمخشري وهي كما في «الكشف » ذكر المس وهو دون النفوذ ويكفي في تحققه إيصال ما ، وما في النفح من معنى النزارة فإن أصله هبوب رائحة الشيء ويقال نفحته الدابة ضربته بحد حافرها ونفحه بعطية رضخه وأعطاه يسيراً ، وبناء المرة وهي لأقل ما ينطلق عليه الاسم ، وجعل السكاكي التنكير رابعتها لما يفيده من التحقير ، واستفادة ذلك إن سلمت من بناء المرة ونفس الكلمة لا يعكر عليه كما زعم صاحب الإيضاح .

واعترض بعضهم المبالغة في المس بأنه أقوى من الإصابة لما فيه من الدلالة على تأثر حاسة الممسوس ومما ذكر في «الكشف » يعلم اندفاعه لمن مسته نفحة عناية ، ولعل في الآية مبالغة خامسة تظهر بالتأمل ؛ ثم الظاهر أن هذا المس يوم القيامة كما رمزنا إليه ، وقيل في الدنيا بناءً على ما روي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما من تفسير النفحة بالجوع الذي نزل بمكة