البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَلَئِن مَّسَّتۡهُمۡ نَفۡحَةٞ مِّنۡ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يَٰوَيۡلَنَآ إِنَّا كُنَّا ظَٰلِمِينَ} (46)

النفحة : الخطرة ، ونفح له من عطاياه أجزأه نصيباً . قال الشاعر :

إذا ربدة من حيث ما نفحت له *** إياه برياها خليل يواصلها

قال ابن عباس : { نفحة } طرف وعنه هو الجوع الذي نزل بمكة .

وقال ابن جريج : نصيب من قولهم نفح له من العطاء نفحة إذا أعطاه نصيباً

ثم أخبر تعالى أن هؤلاء الذين صموا عن سماع ما أنذروا به إذا نالهم شيء مما أنذروا به ، ولو كان يسيراً نادوا بالهلاك وأقروا بأنهم كانوا ظالمين ، نبهوا على العلة التي أوجبت لهم العذاب وهو ظلم الكفر وذلوا وأذعنوا .

وفي قوله { ولئن مستهم نفحة } ثلاث مبالغات لفظ المس ، وما في مدلول النفح من القلة إذ هو الربح اليسير أو ما يرضخ من العطية ، وبناء المرة منه ولم يأت نفح فالمعنى أنه بأدنى إصابة من أقل العذاب أذعنوا وخضعوا وأقروا بأن سبب ذلك ظلمهم السابق .